ولا يخفى أنّه لا وجه لأجوديّته ، بل لصحّته. وأمّا الدليل الذي قيل له ضعيف جدّا ؛ لأنّ إضعاف ماء المطر للحكم إنّما كان احتماليّا لا يقينيا حتى بني عليه الحكم مع أنّه صرّح بأنّ مبتنى حكم البئر على جمع المتفرّق وتفريق المجتمع.
نعم لو كان له وجه آخر لكان لحكمه وجه وهو أعلم به. هذا. ثمّ إنّه لو زاد على جميع المذكورات شيء آخر أو بدّل بعضها بغيره ، فهل يختلف الحكم أم لا؟ فيه إشكال.
قوله : وهو غير ذائبها إلى آخره.
لما قيّد المصنّف العذرة سابقا بالرطبة. واحتمل أن يكون مراده من الرطبة معناها الحقيقى ، وأن يكون المراد منها الذائبة مجازا حيث إنّها المصرّح بها في الرواية بعلاقة عدم انفكاك الذوبان عن الرطوبة ، وأن يكون المراد كلّ من معنييها الحقيقى والمجازي بناء على جواز استعمال اللفظ في معنييها بقرينة اكتفائه في الدروس بكلّ منهما ، وكان المراد بإتيانه هنا مقابل الرطبة المقدّمة ، فاحتمل إرادة مقابل كلّ من المعاني الثلاثة منها ؛ فلذا فسّرها بالمعاني الثلاثة ، وقوله : « وهو غير ذائبها » أي : هو هنا كذلك لا لغة أو عرفا أو مطلقا.
قوله : في المشهور.
قيد لقليل الدم. فإنّ الظاهر أنّه لا خلاف في كون العشرة ليابس العذرة.
ومقابل المشهور هنا هو قول المفيد في المقنعة حيث حكم بوجوب خمسة دلاء للقليل من الدم ، وقول السيد في المصباح حيث قال بأنّ في الدم مطلقا ما بين الدلو الواحدة إلى العشرين ، وقول الصدوق حيث قال بوجوب دلاء يسيرة في القليل ، وإليه مال في المعتبر ، وحسّنه المصنّف في الذكرى.
قوله : والمروي دلاء يسيرة.
والرواية هي ما رواه المشايخ الثلاثة عن علي بن جعفر ، عن أخيه قال : سألته عن رجل ذبح دجاجة أو حمامة ، فوقعت في بئر ، هل يصلح أن يتوضّأ منها؟ قال : « ينزح منها دلاء يسيرة ، ثمّ يتوضّأ منها ». (١) وقال : وسألته عن رجل يستسقى من بئر ، فرعف فيها
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ / ١٩٣.