أي : حكمان : أحدهما : نجاسة الماء بعد غسل الجزء الأوّل بأحد الشرطين. وثانيهما :توقّفه على الإكمال.
وعلى هذا تكون لفظة « أو » في قوله : « أو توقّفه » بمعنى : ال « واو » ، ولفظة « في » فى قوله : « ففي نجاسته » زائدة ، ويكون المعنى : وإن اغتسل مرتّبا فنجاسته بعد غسل الجزء الأوّل وتوقّفه على الإكمال حكمان كلّ منهما محتمل. ويحتمل أن تكون ظرفية ، إن كان الحكمان عين المظروف وذلك كما يقال : ( في اليوم الفلاني اثنتا عشرة ساعة ) أو ( في الفرسخ ثلاثة أميال ) أو ( في البيت سقف وأرض وجدار ).
ويمكن أن يكون الوجه بمعنى الدليل كما يقال : ( الوجه في ذلك كذا ) وعلى هذا فتكون لفظة « في » بمعنى ال « لام » ويكون المعنى : وإن اغتسل مرتّبا فللنّجاسة أوّلا ، وبعد الإتمام دليلان كلّ منهما لكلّ من الحكمين.
ثمّ الوجه في الحكم الأوّل هو أنّه ليس سبب نجاسة ماء البئر بالاغتسال إلّا تحمّله للنجاسة الحدثيّة الحاصلة للجنب ، وهو حاصل بغسل أول الأجزاء أيضا لارتفاع نجاسته الحدثية وانتقالها إلى البئر مع الاتّصال وإلى الماء المنفصل بدونه ، وسرايته منه إليه ، أو أنّ الحكم يعلّق على الغسل وهو صادق على غسل الجزء أيضا ، فيصير نجسا.
وفي الحكم الثاني أنّ الحكم في الأخبار وكلمات الفقهاء معلّق على الاغتسال ، وهو لا يتحقّق إلّا مع الاكمال.
أقول : ويرد على أوّل الوجهين للأوّل أوّلا : أنّ كون السبب في نجاسة الماء ما ذكر ممنوع ، وإنّما هو علّة استنباطيّة غير معتبرة عندنا.
وثانيا : أنّا لو سلمنا أنّها العلّة ولكن يحتمل أن لا يكون تحمّل مطلق النجاسة الحدثيّة موجبة للتنجس الخبثى ، بل كان موقوفا على تحمّل نجاسة حدثية جميع الأجزاء.
وثالثا : أنّه لو سلّمنا الجميع فإنّما يصحّ في صورة الاتّصال ، وأمّا في صورة وصول الماء فلا ، لأنّ القدر الثابت هو تحمّل ماء البئر للنجاسة الحدثيّة ، ولذا لا يقول بنجاسة ماء غير البئر باغتسال الجنب كلّ من يقول بنجاسة ماء البئر به ، والماء المنفصل من البئر