الوفاة ، ومتى تحقّق القبول بعد الوفاة لا يجوز الرجوع ، فمتى تحقّق العقد لا يجوز الرجوع ، فيكون من العقود اللازمة مطلقا. وجواز رجوع الموصي ما دام حيّا إنّما هو لأجل عدم تحقّق العقد ؛ لعدم تحقّق القبول ، لا لعدم كون العقد لازما ، فلا يستفاد من جواز الرجوع كون العقد جائزا على هذا القول مطلقا.
قوله : وقد تلحق باللازمة إلى آخره.
قد يجعل قوله : « على بعض الوجوه » متعلّقا باللازمة ، وليس كذلك ، بل هو متعلّق بالفعل كما لا يخفى.
والمراد بالقيود : القيود السابقة كقوله : « ما لم يقبل بعد الوفاة » فإنّه يدلّ على عدم جواز الرجوع بعد القبول بعد الوفاة ، فتكون من العقود اللازمة حينئذ.
ويمكن أن يراد بالقيود : القيود الآتية في كلام المصنّف حيث يقول : « وإن ردّ بعد القبول لم تبطل » وإطلاق القيد عليه ، لكون الوصية مطلقة شاملة لما يقبل بعد الوفاة ، أو قبلها ، ولا يتحقّق فيه قبول ، فكلّ من هذه الامور قيد لها تصير به مقيّدة. فتأمّل.
قوله : ولمّا كان الغالب عليها حكم الجواز إلى آخره.
توضيح الكلام على وجه يكشف النقاب عن وجه المرام يحتاج إلى تمهيد مقدّمة وهي : أنّ كلّ عقد لازم بالذات يلزمه أمران : أحدهما : كون القبول لفظيّا ، والآخر كونه مقارنا للإيجاب ، كما علم ذلك بالتتبع والاستقراء ، ودلّ عليه أصالة عدم اللزوم إلّا فيما تحقّق فيه الأمران ، أو عرضه اللزوم بسبب خارجي ، وكلّ عقد جائز بالذات لا يشترط فيه شيء منهما.
والمراد بكون العقد لازما بالذات : أن يكون نفس الإيجاب والقبول موجبا للّزوم من دون مدخليّة شيء آخر ، وإن أمكن عروض الجواز له والمراد بكونه جائزا بالذات : أن لا يوجب نفس الإيجاب والقبول لزوما أصلا وإن أمكن عروض اللزوم له بأمر خارجي.
والتقييد بالذات فيهما ؛ لئلّا ينتقض الأوّل بمثل الإجارة التي اشترط فيها الخيار لكلّ من الموجر والمستأجر في تمام مدّة الإجارة ؛ فإنّه يشترط فيها اللفظيّة والمقارنة ، مع أنّه يجوز لكلّ من المتعاقدين الرجوع ، ولكنّه بسبب خارجي هو شرط الخيار. ولئلّا ينتقض