يستلزم رفعه ، بل لو كانت الوصية من الامور المباحة الشرعية أيضا لكان رفع القلم عنهما أيضا موجبا لعدم كونها مباحة شرعيّة لهما أيضا ؛ لأنّ الإباحة الشرعيّة حكم شرعي فلا يتّصف بها إلّا أفعال المكلّفين ، والاباحة التي يتصف بها أفعال الصبيان والمجانين ، فإنّما هي إباحة عقلية لا شرعيّة كما بيّنا ذلك في كتبنا الاصولية.
قوله : بعد ما أحدث في نفسه إلى آخره.
لفظة « ما » يحتمل أن تكون موصولة ، أو مصدرية ، أو توقيتية. فعلى الأوّل تكون لفظة « من » لبيان الموصول ، وعلى الثانيين تكون لفظة « من » إمّا زائدة أو لبيان الجنس كما في قوله تعالى : ( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ ) (١) وكونها بعد لفظة « بعد » يؤكّد الأخير.
والمراد بالقتل : إمّا ما كان موجبا للقتل غير الجراحة كشرب السموم القاتلة ونحوه ، أو يكون المراد منه : أعمّ ممّا ذكر ومن الجراحة ، ولكن يكون المراد من الجراحة المندرجة تحته : ما كانت أقرب إلى موت المجروح من الجراحة المذكورة أوّلا.
وكيف كان فاستعمال لفظة القتل هاهنا من باب إطلاق اسم المسبّب على السبب ، أو من باب مجاز المشارفة. ولفظة « لعل » هاهنا للتعليل كما في قوله تعالى : ( فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى ). (٢)
والمراد : أنّه لو كان إحداثه الجراحة أو القتل في نفسه لأجل أن يموت لم يجز وصيّته ، وأمّا إذا كان إحداثه له ، لا لأجل ذلك بل كان خطأ أو سهوا ، أو لغرض آخر وإن انجرّ إلى الموت جاز وصيّته ، ولم يمنع كما هو فتوى القوم.
قوله : والمعيّن.
المراد بالمعيّن هنا : ما ليس جزء مشاعا في الشركة حتّى يدخل فيه جزء من العبد أيضا ، وإن كان مشاعا من معيّن كنصف دار أو فرس أو نحوهما.
قوله : ويحتمل اختصاصه.
الضمير في « اختصاصه » راجع إلى الحكم المفهوم من الكلام ، أو إلى صرف الوصية إلى العتق. والمراد بالأوّل : المال المشاع. ومرجع الضمير في قوله : « لشيوعه » هو « الموصى
__________________
(١) البقرة : ١٠٦.
(٢) طه : ٤٤.