يعمل به ، والباطل لا يتناهى عنه؟! ليرغب المؤمن في لقاء الله ، فإنّي لا أرى الموت إلاّ سعادة ، والحياة مع الظالمين إلاّ برما » (١).
فعقد العزم سيّد الشهداء عليهالسلام للخروج على حكم الطلقاء ، ودعا الناس إلى ذلك ، وأجاب من أجاب ، وأبى من أبى ، وممّن بعث إليه بالنصرة قسم من أهل الكوفة ، فأرسلوا إليه على أن يقدم عليهم ، والحسين عليهالسلام كان عازماً على الخروج ، سواء بايعته الناس على النصرة أو لا ، ودليل ذلك أنّه بعد أن خذلوه لم يتراجع ، لأنّ قولته المتقدّمة « والحياة مع الظالمين إلاّ برما » لم يغيّرها خذل الخاذلين ، وتراجع بعض من المبايعين.
ثمّ أنّ أهل الكوفة ، هذا المجتمع الخليط من المسلمين والنصارى واليهود ، وصاحب التركيبة الاجتماعية الغريبة ، لما مرّ عليه من حكم القرآن المتمثّل بعلي عليهالسلام ، وحكم الجاهلية المتمثّل بمعاوية وخليفته المغيرة بن شعبة ، ثمّ جاء يزيد وسلّط عليه عن أصلاب الأدعياء ، وهو عبيد الله بن زياد بن أبيه ، فهذا المجتمع عندما نريد أن نحكم عليه بأنّه شيعي ، وبايع الحسين وخذله ، لابدّ أن تتوفّر فيه أوّلاً : كونه شيعياً ، وثانياً : كونه بأجمعه خذل الحسين عليهالسلام.
أمّا القضية الأُولى وهي كونه شيعياً : فالشيعي له اصطلاحان لغوي وشرعي ، اللغوي يعني الناصر ( وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ ) (٢) ، أي من أنصاره وأعوانه ومن المؤازرين له ، والمعنى الاصطلاحي : يعني من يعتقد بأحقّية علي بن أبي طالب عليهالسلام بالخلافة ، وأنّه الخليفة بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله مخاطباً علياً : « من كنت مولاه فهذا علي مولاه ... » الحديث المتواتر الذي صرّح بتواتره الشيخ محمد ناصر الدين الألباني (٣) ، وغيره من العلماء.
____________
١ ـ المصدر السابق ٩ / ١٩٢ ، المعجم الكبير ٣ / ١١٤ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ٢١٧ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٣١٠ ، تاريخ الأُمم والملوك ٤ / ٣٠٥ ، جواهر المطالب ٢ / ٢٧٠.
٢ ـ الصافات : ٨٣.
٣ ـ سلسلة الأحاديث الصحيحة ٤ / ٣٤٤.