والاختبار ، أو احتمال طرّو البداء وغيرها من المصالح ـ فعلم الرسول صلىاللهعليهوآله هو علم إلهي مأذون ، فلا دليل على إطلاق علمه صلىاللهعليهوآله بدون قيد وشرط.
وأمّا القاعدة التي ذكرتموها في مورد علم النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فهي مطابقة لعقيدة الشيعة ، ولكنّ الرواية المشار إليها ـ حديث الحوض ـ حديث عامّي السند ، وما جاء في بعض المصادر الشيعية فهو مرسل (١) ، فلا حجيّة له ، إذاً لا يكون نقضاً للقاعدة المذكورة.
نعم ، لابأس بالاستناد بهذه الرواية على معتقدات القوم ؛ ولكن ليس من معتقداتهم علم النبيّ صلىاللهعليهوآله بالموضوعات والوقائع بتمامها حتّى في زمن حياته ، فضلاً عن بعد ارتحاله.
ثمّ إنّ الحديث المذكور ـ على فرض تماميّته سنداً ـ محمول على الظاهر من عدم العلم ظاهراً بحدوث ما صدر عن بعض الصحابة في زمن حياة الرسول صلىاللهعليهوآله ، أي أنّ العلم الظاهري للنبي صلىاللهعليهوآله لا يشمل تلك الحوادث في ذلك الزمان ـ وإن كان يعلم النبيّ صلىاللهعليهوآله بهذه الوقائع بعلم النبوّة والإمامة ـ ولكن كان صلىاللهعليهوآله مكلّفاً بالظاهر ، وعليه فجواب : « إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك » هو على ضوء العلم العادي والظاهري لا علم النبوّة.
وهنا لابدّ من ملاحظة أمر وهو : أنّنا بحكمنا على جماعة من الصحابة بالانحراف عن خطّ الرسالة ، لم نكن أعلم من الرسول صلىاللهعليهوآله ـ كما يتوهّم بعضهم ـ بل إنّ الحوادث السلبية التي وقعت بعد ارتحال النبيّ صلىاللهعليهوآله هي مسلّمة الوقوع عندنا ، لأنّ علمنا بها كانت بعد وقوعها ، ولكن تلك الحوادث لم تقع في حياة الرسول صلىاللهعليهوآله فعلمه بها ـ بالعلم العادي والظاهري ـ لم يحصل بعد ، وإن كانت هذه الوقائع معلومة بالتفصيل عنده صلىاللهعليهوآله بالعلم النبوي.
ويدلّ عليه ما جاء عنه صلىاللهعليهوآله في وصيّته لعلي عليهالسلام ، وإخباره عن مستقبل الأُمّة وحكّامها وغير ذلك ؛ وحتّى إنّ أمثال هذه الرواية المبحوث عنها في المقام ، خير
____________
١ ـ الاعتقادات : ٦٥ ، الإفصاح : ٥١ ، الأمالي للشيخ المفيد : ٣٧.