عَظِيمًا ) (١) قال المفسّرون : إنّ رضوان الله وسكينته مشروطة بالوفاء وعدم نكث العهد (٢).
وقد ذكر أهل الحديث والمؤرّخون أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله بايعهم على أن يقاتلوا المشركين ولا يفرّوا (٣).
والظاهر أنّ المراد أن لا يفرّوا في جميع حروبهم ، لا في خصوص غزوة الحديبية ، ولذا اشترط الله تعالى عليهم الوفاء في الآية المتقدّمة ، مع أنّ غزوة الحديبية لم يقع فيها حرب ، وسورة الفتح نزلت بعد صلح الحديبية ، كما يناسبه أيضاً تذكير النبيّ صلىاللهعليهوآله لهم بهذه البيعة في واقعة حنين ، حيث صاح النبيّ صلىاللهعليهوآله بالناس : « يا أهل سورة البقرة ، يا أهل بيعة الشجرة ، أنا رسول الله ونبيّه ، فتولّوا مدبرين » (٤).
وعلى ذلك يكون فرار جماعة منهم في غزوة خيبر وفرار أكثرهم في غزوة حنين نكثاً لتلك البيعة ، رافعاً لرضا الله سبحانه عنهم ، بل الملاحظ أنّ الشكّ والريب دخل قلوب بعض الصحابة ، فخالفوا أوامر النبيّ صلىاللهعليهوآله بعد معاهدة الصلح في الحديبية مباشرة ، فلم يستجيبوا للنبي صلىاللهعليهوآله حينما أمرهم بالحلق والنحر إلاّ بعد التكرار ، وقيامه بنفسه بالحلق والنحر (٥).
ويمكنك أن تراجع جملة من المصادر التي ذكرت في هذا الجواب ، لتطلع على أسماء الفارّين والهاربين من غزوتي خيبر وحنين ، وكذلك الشاكّين في يوم الحديبية ، والله الموفّق للصواب.
____________
١ ـ الفتح : ١٠.
٢ ـ أُنظر : جامع البيان ٢٦ / ١٠٠ ، الجامع لأحكام القرآن ١٦ / ٢٦٨ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٩٩.
٣ ـ أُنظر : صحيح مسلم ٦ / ٢٥ ، صحيح ابن حبّان ١٠ / ٤١٥ ، الجامع الكبير ٣ / ٧٥ ، السنن الكبرى للبيهقي ٨ / ١٤٦ ، السنن الكبرى للنسائي ٤ / ٤٢٣.
٤ ـ المصنّف لابن أبي شيبة ٨ / ٥٥٢.
٥ ـ تاريخ اليعقوبي ٢ / ٥٥.