سادتي الكرام ، لقد حاورت أحد الإخوة الشيعة ذوي الميول العلمانية ، وكان دائماً يقول : بأنّ علماء الدين الشيعة يفتون كما يحلوا لهم ، وبدون أيّ سند ، وقد أقنعته في كُلّ استشكالاته , وكان أحد استشكالاته عن تعطيل صلاة الجمعة.
بعد انتهاء الحديث أحببت أنا شخصيّاً أن ازداد علماً بموضوع صلاة الجمعة ، ومتى تمّ تعطيلها؟ ومن أوّل من عطّلها من علمائنا ( رضوان الله عليهم ) وأدلّة ذلك ، وما هي استدلالاته على ذلك؟
ج : الكلام في إقامتها وعدمها لا يتبع لأيّ عامل غير الأدلّة المستفادة من الكتاب والسنّة ، وبحسب هذه الأدلّة قد يخرج الفقيه الشيعي بنتيجة تدل على وجوب إقامة الجمعة في عصر الغيبة ، وقد يرى عدمه ، وثالثة يفتي بالوجوب التخييري بينها وبين الظهر ، هذه كُلّها خيارات الفقيه ، ولا يجوز ـ بحسب مذهب الشيعة ـ إلزام المجتهد بإحداها تمشيةً لأهواء البعض.
وأمّا أدلّة القائلين بالوجوب أو الجواز فمعروفة وواضحة من الكتاب والسنّة والإجماع ، منها آية : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ... ) (١).
منها : الأحاديث المعتبرة الدالّة على وجوب الجمعة مطلقاً ، أعمّ من زمن الحضور والغيبة (٢).
وأمّا من لا يرى الوجوب التعييني لصلاة الجمعة في زمن الغيبة ، فقد يعتمد إلى ظهور اشتراط حضور الإمام عليهالسلام ، وبسط يده في الروايات ، بحيث يستنبط منها أنّ صلاة الجمعة وإمامتها هي من شؤون الحكومة ، لأنّ خطبتها يجب أن تتناول المواضيع السياسية والاجتماعية التي تهمّ الناس ، ومن المعلوم عدم توفّر هذا الشرط في ظلّ الحكومات الفاسدة.
____________
١ ـ الجمعة : ٩.
٢ ـ وسائل الشيعة / أبواب صلاة الجمعة.