١ ـ روى الشيخ الكليني قدسسره بسنده عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : « لمّا احتضر الحسن بن علي عليهماالسلام قال للحسين : يا أخي إنّي أُوصيك بوصية فاحفظها ، فإذا أنا متّ فهيّئني ، ثمّ وجّهني إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله لأحدث به عهداً ، ثمّ اصرفني إلى أُمّي فاطمة عليهاالسلام ، ثمّ ردّني فادفنّي بالبقيع.
واعلم أنّه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها وعداوتها لله ولرسوله صلىاللهعليهوآله ، وعداوتها لنا أهل البيت.
فلمّا قُبض الحسن عليهالسلام وضع على سريره ، فانطلقوا به إلى مصلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، الذي كان يصلّي فيه على الجنائز ، فصلّى على الحسن عليهالسلام ، فلمّا أن صلّي عليه حمل فادخل المسجد ، فلمّا أوقف على قبر رسول الله صلىاللهعليهوآله بلغ عائشة الخبر ، وقيل لها : إنّهم قد أقبلوا بالحسن بن علي ليدفن مع رسول الله ، فخرجت مبادرة على بغل بسرج ـ فكانت أوّل امرأة ركبت في الإسلام سرجاً ـ فوقفت وقالت : نحّوا ابنكم عن بيتي ، فإنّه لا يدفن فيه شيء ، ولا يهتك على رسول الله حجابه.
فقال لها الحسين بن علي عليهماالسلام : قديماً هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله ، وأدخلت بيته من لا يحبّ رسول الله قربه ، وإنّ الله سائلك عن ذلك يا عائشة ، إنّ أخي أمرني أن أقرّبه من أبيه رسول الله صلىاللهعليهوآله ليحدث به عهداً.
واعلمي أنّ أخي أعلم الناس بالله ورسوله ، وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله ستره ، لأنّ الله تبارك وتعالى يقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ ) (١) ، وقد أدخلت أنت بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله الرجال بغير أذنه ، وقد قال الله عزّ وجلّ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ) (٢) ولعمري لقد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند
____________
١ ـ الأحزاب : ٣٥.
٢ ـ الحجرات : ٢.