قالت : إنّهم استتابوه ثمّ قتلوه ، وقد قلت وقالوا ، وقولي الأخير خير من قولي الأوّل ، فقال ابن أُمّ كلاب :
منكِ البداء ومنكِ الغير |
|
ومنكِ الرياح ومنكِ المطر |
وأنتِ أمرتِ بقتل الإمام |
|
وقلتِ لنا أنّه قد كفر |
فهبنا أطعناكِ في قتله |
|
وقاتله عندنا من أمر |
إلى آخر الأبيات.
فانصرفت إلى مكّة ، فنزلت على باب المسجد ، فقصدت الحجر ، فسترت واجتمع إليها الناس ، فقالت : يا أيّها الناس ، إنّ عثمان قُتل مظلوماً ، ووالله لأطلبن بدمه » (١).
والحاصل : إنّ عائشة كانت تعلم بمبايعة الناس لأمير المؤمنين علي عليهالسلام ، ومن هنا كانت نقطة الانقلاب في موقفها ، وبمراجعة يسيرة إلى المصادر التاريخية تجد أنّ عائشة حتّى عند إخبارها بمقتل عثمان قبل علمها بمبايعة علي عليهالسلام كانت تسمّيه نعثلاً وتتشفّى بمقتله ، ولكن علمها بمبايعة الإمام عليهالسلام قلب موقفها تماماً ، وقادها إلى القيام بتلك الفتنة الكبيرة التي راح ضحيّتها عشرات الآلاف من المسلمين ، فكيف لا تعلم عائشة بمبايعة الناس لأمير المؤمنين علي عليهالسلام ، وهي عندما قدمت إلى البصرة وجدت عليها عثمان بن حنيف عامل أمير المؤمنين عليهالسلام عليها ، وقد أرسل أليها أبو الأسود الدؤلي يسألها عن خبرها ، وعن علّة مجيئها إلى البصرة ، فقالت له : أطلب بدم عثمان ، قال : إنّه ليس في البصرة من قتلة عثمان أحد ، قالت : صدقت ولكنّهم مع علي بن أبي طالب بالمدينة (٢).
____________
١ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٧٦.
٢ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٢٢٦.