٤ ـ إنّ الاعتقاد بمثل هذا العالم يستلزم ـ في الواقع ـ القبول بنوع من التناسخ ، لأنّه ينبغي ـ طبقاً لهذا التفسير ـ أن تكون روح الإنسان قد خلقت في هذا العالم قبل ولادته الفعلية ، وبعد فترة طويلة أو قصيرة جاء إلى هذا العالم ثانية ، وعلى هذا فسوف تحوم حوله كثيراً من الإشكالات في شأن التناسخ! غير أنّنا إذا أخذنا بالتفسير الثاني ، فلا يرد عليه أيّ إشكال ممّا سبق ، لأنّ السؤال والجواب ، أو العهد المذكور عهد فطري ، وما يزال كُلّ منّا يحسّ بآثاره في أعماق روحه ، وكما يعبّر عنه علماء النفس بالشعور الديني ، الذي هو من الإحساسات الأصيلة في العقل الباطني للإنسان.
وهذا الإحساس يقود الإنسان على امتداد التأريخ البشري إلى طريق معرفة الله تعالى ، ومع وجود هذا الإحساس أو الفطرة لا يمكن التذرّع بأنّ آباءنا كانوا عبدة للأصنام ونحن على آثارهم مقتدون!!
والإشكال الوحيد الذي يرد على التفسير الثاني هو أنّ هذا السؤال والجواب يتخذ شكلاً كنائياً ، ويتّسم بلغة الحوار ، إلاّ أنّه مع الالتفات إلى ما بيّناه آنفاً بأنّ مثل هذه التعابير كثير في لغة العرب وجميع اللغات ، فلا يبقي أيّ إشكال في هذا المجال.
ويبدو أنّ هذا التفسير أقرب من سواه!