وقد شهد ابن عباس على أنّ طلحة والزبير أجلبا عليه ـ على عثمان ـ وضيّقا خناقه ، ثمّ خرجا ينقضان البيعة ، ويطلبان الملك (١).
٥ ـ رأي سعد بن أبي وقّاص : يكتب سعد إلى عمرو بن العاص الذي يسأله عن قتل عثمان فيجيب : إنّك سألتني من قتل عثمان؟ وإنّي أخبرك أنّه قتل بسيف سلّته عائشة ، وصقله طلحة ، وسمّه ابن أبي طالب ، وسكت الزبير وأشار بيده ، وأمسكنا نحن ، ولو شئنا دفعناه عنه ، ولكن عثمان غيّر وتغيّر ، وأحسن وأساء ، فإن كنّا أحسنا ، وإن كنّا أسأنا فنستغفر الله (٢).
٦ ـ رأي عبد الله بن العباس : هو من الأسرة الهاشمية ، المرموق بعلمه ودرايته ، وقربه لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، ومن ذوي الرأي ، ولم يحظ من الخلفاء رغم ثقتهم برأيه سوى المشورة ، وهو بالوقت الجدّ الأكبر للخلفاء العباسيين.
وكان عثمان كثيراً ما يتّخذه وسيطاً بينه وبين علي عليهالسلام ، وآخر أيّامه قبيل مقتل عثمان أرسله أميراً للحجّ ، وحينما تأزّم الأمر على عثمان يرسل عثمان نافع ابن طريف يتلو كتاب عثمان على أهل مكّة مستغيثاً بهم ، بيد لم نجد من ابن عباس أيّ بادرة لنصرة الخليفة ، وهو آنذاك ذو الكلمة المسموعة.
كما طلبت عائشة ـ وهي في مكّة ـ من ابن عباس عدم مد عثمان بأيّة مساعدة ، لأنّ ابن عباس من الهاشميين المنكوبين منذ عهد السقيفة والشورى ، ويعرف إجماع الأُمّة على خلع عثمان ، ولم يكن ابن عباس لهذه الدرجة من الغباوة التي يسكت تجاه موبقات عثمان في عبثه بالمال ، وتسليط فجرة الأُمويين على رقاب الناس قهراً.
ويرى ابن عباس كيف أنّ عثمان يتّهم جميع الأُمّة بالكفر والخروج على ولايته المزعومة ، وكم مرّة تاب عثمان ونكث ، وهو يترقّب هذه المرّة الضربة القاضية على أيدي المتظلّمين ، الطالبين اعتزاله ، والجميع يعلمون أنّه مخادع ، والعاقل لا يلدغ من جحر مرّتين.
____________
١ ـ المصدر السابق ٨ / ٦٦.
٢ ـ الإمامة والسياسة ١ / ٦٧.