وليس السهو كما يظهر من كلامهما ـ الإسهاء هو من الله لغاية معيّنة كما هو معلوم ـ وقد خالفتهم الطائفة المحقّة في هذا الكلام.
هذا ، ولكم جزيل الشكر لما تقومون به من الذود عن العقائد الحقّة.
ج : لم نكن بصدد التفريق بين السهو والإسهاء ، وإنّما كنّا بصدد بيان مسألة السهو ، مع غض النظر عن الدخول في مبحث السهو والإسهاء ، والطرف الآخر من جهله بالمباني يعتمد على هكذا مسائل ، ولا أقلّ عليه أن يفرّق بين السهو الذي يقع علينا ، وبين السهو الذي يقع على الأنبياء على رأي من يقول به.
وهنا ننقل نصّ كلام الشيخ الصدوق قدسسره لتتّضح المسألة :
قال : « إنّ الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ويقولون : لو جاز أن يسهو عليهالسلام في الصلاة ، لجاز أن يسهو في التبليغ ، لأنّ الصلاة عليه فريضة ، كما أنّ التبليغ عليه فريضة ، وهذا لا يلزمنا ، وذلك لأنّ جميع الأحوال المشتركة يقع على النبيّ صلىاللهعليهوآله فيها ما يقع على غيره ، وهو متعبّد بالصلاة كغيره ممّن ليس بنبيّ ، وليس كُلّ من سواه بنبيّ كهو ، فالحالة التي اختصّ بها هي النبوّة ، والتبليغ من شرائطها ، ولا يجوز أن يقع عليه في التبليغ ما يقع عليه في الصلاة ....
وليس سهو النبيّ صلىاللهعليهوآله كسهونا ، لأنّ سهوه من الله عزّ وجلّ ، وإنّما هو أسهاه ليعلم أنّه بشر مخلوق ، فلا يتّخذ ربّاً معبوداً دونه ، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متى سهوا ، وسهونا عن الشيطان ، وليس للشيطان على النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام سلطان ، إنّما سلطانه على الذين يتولّونه ، والذين هم به مشركون ، وعلى من تبعه من الغاوين ....
وكان شيخنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ( رحمه الله ) يقول : أوّل درجة الغلوّ نفي السهو عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ولو جاز أن ترد الأخبار الواردة في هذا المعنى ، لجاز أن ترد جميع الأخبار ، وفي ردّها إبطال الدين والشريعة ... » (١).
____________
١ ـ من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٥٩.