ج : بالنسبة إلى السؤال الأوّل فنقول :
الإمامة أعلى شأناً من النبوّة ، إذ النبوّة هي مقام تلقّي الوحي فقط ، ولكن الإمامة رتبة التصدّي لقيادة الأُمّة على ضوء تعاليم الوحي ، فالإمام هو خليفة الله على الأرض لعظم المسؤولية التي تقع على عاتقه.
ومن هنا نعلم أنّ المناسب للرتبة التي منحت لإبراهيم عليهالسلام بعد ابتلائه هو الإمامة ، مضافاً إلى أنّ ظهور كلمة : ( إِمَامًا ) في الآية تدلّ بالصراحة على منصب الإمامة لا النبوّة ، فصرفها إلى النبوّة تكلّف بلا حجّة ولا دليل.
على أنّ المعنى واضح من خلال الآية ، فإبراهيم عليهالسلام في أوان نبوّته كان لا يعلم بحصول ذرّية له في المستقبل ، بل وفي قصّة تبشير الملائكة بإسماعيل وإسحاق ما يلوح منه آثار اليأس والقنوط من الحصول على الأولاد ، فكيف والحال هذه يستدعي إبراهيم عليهالسلام من الله تبارك وتعالى إعطاء رتبة الإمامة لذرّيته؟
فيظهر لنا أنّ هذا الدعاء كان بعد ولادة بعض ذرّيته على الأقل ، أي بعد حصوله على رتبة النبوّة.
ثمّ إنّ هنا أيضاً نقطة هامّة لابأس بالإشارة إليها ، وهي أنّ ( جَاعِلُكَ ) اسم فاعل ، ولا يعمل إلاّ في الحال أو الاستقبال ، أي قوله تعالى : ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ) يدلّ على إعطاء الإمامة فيما بعد ، مع أنّ هذا القول هو وحي ، فلا يمكن وصوله إلاّ مع نبوّة ، فثبت أنّه عليهالسلام كان نبيّاً قبل تقلّده الإمامة.
وبالنسبة إلى السؤال الثاني فنقول :
المقصود من الظالمين ، مطلق من صدر منه ظلم ، ولو في مقطع من الزمن ، وحتّى ولو تاب فيما بعد ، والآية بهذه الصراحة تريد أن تركّز على صفة العصمة في الإمام ، فمن لم تكن فيه هذه الميزة ـ ولو في برهة من عمره ـ لا يليق بهذا المقام.
وبالنسبة إلى السؤال الثالث فنقول :