كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ له أَسْرَى ... ) (١) في وزان إيّاك أعني واسمعي يا جارة ، فالمقصود من الآية المسلمون لا النبيّ صلىاللهعليهوآله ، إذ أنّ الالتزام به يكون بمعنى مخالفة النبيّ صلىاللهعليهوآله لأوامر الوحي ، وهذا محالّ.
ولكنّ المعنى أنّ الصحيح في المقام هو الحكم الأوّلي في شأن الأسرى ببدرٍ كان القتل ، وهو حكم خاصّ بهم ، لا أنّ الفداء لا يحلّ أبداً في الأسرى ، إذ قد عمل به ـ الفداء ـ في واقعة عبد الله بن جحش قبل بدر بأزيد من عام ، ولم ينكره الله تعالى (٢) ، وبعدما أصرّ المسلمون على مخالفة ذلك الحكم الأوّلي ، عاتبهم الله تعالى فاستحقّوا العذاب ثمّ عفا عنهم.
ويدلّ عليه أنّه جاء في بعض النصوص : أنّ جبرائيل عليهالسلام أخبر النبيّ صلىاللهعليهوآله بكراهة ما صنعه قومه من أخذ الفداء ، وأخبره بأنّ الله أمره أن يخيّرهم بين قتل الأسرى وأخذ الفداء ، على أن يقتل منهم في المستقبل بعددهم ، فرضوا بالفداء والشهادة (٣) ، وعلى الأخصّ فقد نصّ البعض على أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله مال إلى القتل (٤).
رابعاً : إنّ حديث تأبير النخل ـ بالشكل الذي نقلوه ـ لا يوافق العقل والنقل ، لوجوه :
منها : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يعيش في منطقة تغصّ بالنخل ، فهل يعقل أنّه لم يكن يعرف تأثير تأبير النخل وفائدته؟ وأنّ النخل لا ينتج بدونه؟! والحال نرى أنّ الرواية المزعومة تقول : بأنّ الرسول صلىاللهعليهوآله نفى لزوم التأبير فتركوه.
ومنها : كيف نصدّق بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله يرضى بإدخال ذلك الضرر الجسيم عليهم ـ عدم نتاج نخلهم ـ بتصرّفه فيما ليس من اختصاصه؟!
____________
١ ـ الأنفال : ٦٧.
٢ ـ السيرة الحلبية ٢ / ٢٦٣.
٣ ـ المصنّف للصنعاني ٥ / ٢٠٩ ، الطبقات الكبرى ٢ / ٢٢ ، عيون الأثر ١ / ٣٧٣ ، الدرّ المنثور ٣ / ٢٠٢.
٤ ـ الكامل في التاريخ ٢ / ١٣٦.