انقضاء مدّة الطواغيت وذهاب ملكهم أسرع من سلك منظوم انقطع فتبدّد ، وما كان ذلك الذي أصابهم يا حمران لذنب اقترفوه ، ولا لعقوبة معصية خالفوا الله فيها ، ولكن لمنازل وكرامة من الله أراد أن يبلغوها ، فلا تذهبنّ بك المذاهب فيهم » (١).
وبعد هذا البيان الجلي ، والحجّة الناصعة ، تحصل القناعة لكُلّ عارف بصير ، فالحاصل : أنّ التسليم بما هو قضاء الله وقدره ليس من الإلقاء للنفس في التهلكة.
الثاني : إنّ الأئمّة المعصومين عليهمالسلام كانوا مجبورين في حياتهم الشخصية ، وأمام الأحداث والظواهر على العمل بعلمهم العادي المتأتّي من العلل الطبيعية ، والأسباب المتداولة المتوفّرة للجميع.
ويؤكّد على ذلك استسلام النبيّ صلىاللهعليهوآله أمام إرادة الله تعالى ، جاء في التاريخ : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان في المسجد ، فأخبروه بسوء حال ابنه إبراهيم ، فذهب صلىاللهعليهوآله إلى البيت واحتضن ابنه ، فقال له ـ وهو ينظر إليه ـ : « يا إبراهيم إنّا لن نغني عنك من الله شيئاً ، إنّا بك يا إبراهيم لمحزونون ، تبكي العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول ما يسخط الربّ ، ونهانا عن الصياح ، ولولا أنّه وعد صادق وموعود جامع وجدنا عليك يا إبراهيم وجداً شديداً ما وجدناه » (٢).
وكان بإمكان النبيّ صلىاللهعليهوآله عن طريق الإعجاز والولاية ، تلك الولاية التي كانت للسيّد المسيح عليهالسلام في معجزاته في إحياء الموتى ، وإعادة صحّة وسلامة المرضى من أمراضهم الصعبة ، أن يعيد سلامة ابنه.
كان بإمكان النبيّ صلىاللهعليهوآله ببركة الدعاء المستجاب الذي منحه الله تعالى أن يغيّر الحالة التي كانت لابنه ، وكان بإمكان النبيّ صلىاللهعليهوآله عن طريق العلم الغيبي
____________
١ ـ المصدر السابق ١ / ٢٦١.
٢ ـ السيرة الحلبية ٣ / ٤٣٤.