بالنسبة لشجرة بيعة الرضوان ، فالمروي عن نافع بسند صحيح : أنّ عمر بن الخطّاب هو الذي قطعها.
يبقى الكلام في كون نافع ـ الذي لا يعرف له أب ولا أُمّ ولا رسم ـ مولىً لابن عمر ، وأنّ ابن عمر هو الذي أسره في بعض الغزوات ، فالرواية مرسلة هذا ملخّص الإشكال؟
والجواب أوّلاً : الحديث المرسل لم يقل أحد بأنّه لا يصحّ مطلقاً ، فهناك من فرّق بين إرسال كبار التابعيين وبين غيرهم ، فقد احتجّ بالمرسل مالك وأبو حنيفة ، وأحمد بن حنبل (١) ، ونافع من أئمّة التابعين فيمكن الاحتجاج بقوله.
وثانياً : إنّ نافعاً لم يسند الرواية إلى عمر بن الخطّاب حتّى نقول بأنّها مرسلة ، وإنّما جزم بأنّ عمر بن الخطّاب هو الذي قطعها ، وهذا لا يعني الإرسال ، لأنّ نافعاً معاصر لابن عمر بن الخطّاب ـ وهو مولاه ـ ولكثير من الصحابة ، فيكون هذا الأمر معلوم عنده بواسطة الصحابة الذين عاصروا عمر ابن الخطّاب.
ومن خلال معاصرته لزمن قريب من زمن عمر بن الخطّاب ، فقواعد الحديث أشبهت في تطبيقها هنا ، وإنّما هو قول لنافع مولى ابن عمر في أنّ عمر بن الخطّاب هو الذي قطع الشجرة.
وثالثاً : على كُلّ تقدير ، فقد قال الإمام مالك في حقّ نافع : « إذا قال نافع شيئاً فاختم عليه » (٢).
وقال الخليلي : « نافع من أئمّة التابعين بالمدينة ، إمام في العلم متّفق عليه صحيح الرواية ، منهم من يقدّمه على سالم ، ومنهم من يقارنه به ، ولا يعرف له خطأ في جميع ما رواه » (٣).
____________
١ ـ الباعث الحثيث : ٥٧.
٢ ـ سير أعلام النبلاء ٥ / ٩٨.
٣ ـ تهذيب الكمال ٢٩ / ٣٠٦.