أودّ في البداية أن الفت انتباهكم إلى أنّ المشكلة تكمن في أنّكم في مقام الاستشهاد والاستدلال تحاولون التمسّك بالأخبار والتاريخ الوارد في كتبكم ، وتجعلون ذلك حجّة علينا ، أمّا حينما تصل النوبة إلينا فلا حقَّ لنا أن نستشهد بما ورد في كتبنا ، فلماذا باؤكم تجرُّ دون بائنا؟ وهل هذا من العدل والإنصاف؟!
وعلى أيّ حال ما أشرتم إليه أوّلاً من انقسام الأمر إلى قسمين فهذا وجيه ، ولكن ماذا نفعل إذا كانت المخالفة في شؤون الدين ، فتعال واقرأ :
١ ـ عن ابن عباس : لما حضر رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطّاب ، قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : « هلمَّ اكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده » ، قال عمر : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله.
فاختلف أهل البيت فاختصموا ، فمنهم من يقول : قربّوا يكتب لكم النبيّ صلىاللهعليهوآله كتاباً لن تضلّوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلمّا اكثروا اللغو والاختلاف عند النبيّ صلىاللهعليهوآله ، قال رسول الله : « قوموا » (١).
وينقل البخاري نفسه أنّه صلىاللهعليهوآله قال : « آتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً » ، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبيّ تنازع ، فقالوا : هجر رسول الله صلىاللهعليهوآله (٢).
إنّه ما أعظمه من اعتراض! وهل يوجد اعتراض أكبر من هذا يوجّه إلى النبيّ؟ ويقابل به بهذا الشكل من الوقاحة؟ إنّه صلىاللهعليهوآله يطلب أن يكتب لهم كتاباً لن يضلّوا بعده أبداً ، وهل يوجد كتاب أعظم من هذا الكتاب الذي لا يضلّ بعده المسلمون؟ ويأتي الاعتراض والردّ على النبيّ صلىاللهعليهوآله بأنّه غلبه الوجع أو هجر ، وهل تعلم ما معنى ذلك؟ أي أنّه يتكلّم بلا شعور ولا إدراك ، في الوقت الذي
____________
١ ـ صحيح البخاري ٧ / ٩ و ٨ / ١٦١ ، صحيح مسلم ٥ / ٧٦ ، المصنّف للصنعاني ٥ / ٤٣٨ ، مسند أحمد ١ / ٣٢٤.
٢ ـ صحيح البخاري ٤ / ٣١.