وقد يقول قائل : هل في المشورة بأس؟ وهل من القبيح أن يدلي بعض الصحابة برأيه في موضوع معيّن؟ ولماذا لا نحمل هذين الخبرين على ذلك؟
والجواب واضح ، فإنّ التشاور يعني إبداء الرأي من دون رفض ومعارضة بخلاف الاعتراض ، فإنّه يعني الرفض والإنكار دون مجرد إبداء الرأي ، وواضح أنّه في هذين الحديثين نجد الرفض والإنكار بأعلى درجاته ، إنّه إلى حدِّ نسبة الهجر إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وإلى حدٍّ لا يكتفي عمر بجواب الرسول صلىاللهعليهوآله حتّى يذهب إلى أبي بكر ، وينزل القرآن بعد ذلك ، وتطيب آنذاك نفس الخليفة ، إنّه إلى حدٍّ يتغيّض على النبيّ صلىاللهعليهوآله.
وأمّا ما أشرتم إليه من أنّه هل هناك ذمّ من الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام؟ فجوابه : إنّ الشخص الذي تصدر منه مثل هذه المواجهة للنبي صلىاللهعليهوآله ـ الذي هو أعظم شخصية إسلامية ـ ويسكت النبيّ صلىاللهعليهوآله خوفاً على الإسلام من أن يصاب بثلمة بسبب الاختلاف ، فكيف بالإمام علي عليهالسلام؟
هل تتوقّعون منه الاعتراض والذمّ؟ وقد صدر أكبر ذمّ منه عليهالسلام للخليفة الثاني ، وذلك بعد موت الخليفة في الخطبة الشقشقية المعروفة ، التي من أجلها أنكرتم وأنكر أصحابكم نسبة نهج البلاغة إلى الإمام علي عليهالسلام ، ولكن ليس وراء الحقّ إلاّ الضلال.
وأمّا ما أشرتم إليه من أنّه إذا حكمت بعدم عدالة عمر فكيف زوجّه الإمام عليهالسلام بابنته ، بعد عدم كونه كفؤاً ، فهو مضحك حقّاً ، حيث ليس لكم اطلاع على أنّ المسلم كفؤ المسلمة ، وليس العادل كفؤ العادلة ، إنّ التكافؤ لابدّ أن يكون بالإسلام وليس بالعدالة ، وبهذا تبطل جميع المقدّمات والشقوق المنطقية أو العقلية ، التي سوّدتم صحيفتكم بها.
نسأله تبارك وتعالى الهداية والتوفيق.