فيما معناه : « أن تشهد أنّ لا اله إلاّ الله محمّد رسول الله » ولم يضف : « علي ولي الله » ، لماذا؟
ج : من المعلوم لديكم أنّ أحكام الشريعة المقدّسة قد نزلت بالتدرّج ، ولم تنزل دفعة واحدة ، فإنّك تجد مثلاً أنّ النطق بالشهادتين في أوّل الدعوة مدعاة لعصمة المال والدم ، كما ورد في الأحاديث الشريفة المتضافرة : ( لا أزال أقاتل الناس حتّى يقولوا : لا إله إلاّ الله ، فإذا قالوها فقد عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّها وحسابهم على الله » (١).
ثمّ بعد نزول الفرائض وتوسّع الأحكام ، قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : « من شهد أن لا إله إلاّ الله ، واستقبل قبلتنا ، وصلّى صلاتنا ، وأكل ذبيحتنا ، فهو المسلم ، له ما للمسلم ، وعليه ما على المسلم » (٢).
لذا فالرسائل التي بعثها النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآله إلى رؤساء البلدان في أوّل الدعوة كانت وفق هذا السياق ، وهو إعلان التوحيد الذي أراده الله سبحانه ، بأن لا يشرك به عباده شيئاً ، والإقرار بنبوّة نبيّه محمّد صلىاللهعليهوآله ، الذي يعني التسليم بكُلّ ما سيبلّغه النبيّ صلىاللهعليهوآله للأُمّة ، ومنها ولاية علي عليهالسلام التي نزل أمر الله سبحانه للنبيّ صلىاللهعليهوآله بالتبليغ بها في آخر الدعوة ، كما هو المعلوم في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (٣).
وقد جمع النبيّ صلىاللهعليهوآله أصحابه في ذلك الموقع الذي يقال له غدير خم في حادثة مشهورة معروفة ، ليخبرهم بأمر الله في التبليغ بولاية علي عليهالسلام ، وبعد التبليغ بولايته عليهالسلام نزل قوله تعالى : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا » (٤).
____________
١ ـ الأُم ٦ / ٤ و ١٧٠ ، المصنّف للصنعاني ١٠ / ١٧٢ ، السنن الكبرى للنسائي ٢ / ٢٨٠ ، المعجم الأوسط ٦ / ٢١٥ و ٢٩٩ ، المعجم الكبير ٢٠ / ٦٣.
٢ ـ صحيح البخاري ١ / ١٠٣ سنن النسائي ٧ / ٧٦ ، السنن الكبرى للنسائي ٢ / ٢٨٠.
٣ ـ المائدة : ٦٧.
٤ ـ المائدة : ٣.