الأنبياء لم يورّثوا درهماً ولا ديناراً ، وإنّما ورّثوا أحاديث من أحاديثهم ، فمن أخذ شيئاً منها فقد أخذ حظّاً وافراً ... » (١).
وأمّا معناه فهو : أنّ الأنبياء عليهمالسلام لم يخلّفوا بالنسبة للأُمّة شيئاً من الأموال ، بل إنّهم ورّثوهم العلم والأحاديث.
ويظهر من هذا المعنى ، أنّ كلمة الإرث في هذه الروايات ، قد استعملت في معناها العرفي واللغوي ، لا معناها الاصطلاحي والفقهي ، ويدلّ على هذا التخريج عدّة وجوه :
منها : إنّ الحمل على المعنى الفقهي من الإرث يتعارض مع ظهور الآيات (٢) ، كما ذكرته الزهراء عليهاالسلام في خطبتها المعروفة ، ردّاً على غاصبي فدك ، إذ فيها ما يدلّ على أنّ التوريث المصطلح كان ساري المفعول حتّى عند الأنبياء ، ولم تكن أموالهم بحيث يكون الناس فيها شرع سواء.
ومنها : إنّ القرائن الموجودة في تلك الروايات فيها دلالة واضحة إلى أنّ المراد هو المعنى اللغوي ـ لا الفقهي ـ فمثلاً : هل في الواقع الخارجي لم يبق الأنبياء عليهمالسلام حتّى درهماً واحداً من الأموال لتركتهم؟! وهذا ما ينفيه التاريخ والنقل.
ومنها : إنّ عبارة : « إنّما أورثوا أحاديث » أو « ورّثوا العلم » تدلّ على ما ذكرنا ، من أنّ النفي في صدر الروايات يكون بالنظر إلى الأُمّة لا إلى الورثة العاديين ؛ إذ هل يعقل أن تكون الأحاديث النبوية حصص إرثية؟!
ومنها : إنّ عبارة : « فمن أخذ شيئاً ... » تدلّ على إطلاق الآخذ أيّاً من كان ؛ وهذا أيضاً يدلّ على أنّ التوريث المستعمل في هذه الروايات ليس من باب الوراثة المصطلحة الفقهية ، وإلاّ فهل يعقل عدم تعيين الوارث في إرثٍ ما ، وتعليقه على نحو البدلية بعبارة : « فمن أخذ »؟!
____________
١ ـ بصائر الدرجات : ٣٠ ، الكافي ١ / ٣٢ ، الاختصاص : ٤.
٢ ـ أُنظر : مريم : ٦ ، النمل : ١٦.