فيها » (١) ، وقد خالف بذلك ما عليه الشيعة الإمامية ، من أن عروجه كان بهذا الجسم الكثيف ، وهو من معجزات النبوّة.
وأمّا مسألة الخرق والالتئام ، وأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله عند عروجه ألقى كُلّ ما فيه من هواء وماء وحرارة وتراب في فلكها السماوي المخصوص به ، فهو كلا غير صحيح.
وذلك : أوّلاً : إنّ نظرية الأفلاك ، وإنّ هناك أفلاك نارية ، وأفلاك مائية ، وأفلاك ترابية وغير ذلك غير صحيحة ، خصوصاً بعد ملاحظة أنّ الأفلاك تكتسب حرارتها من غيرها ، فهي غير نارية بالذات ، وإنّما النارية عارضة لها ، وكذلك المائية والهوائية.
ثانياً : إنّ نزع ذلك في حقيقته هو نزع للجسد ; لأنّه يؤمن أنّ الجسد مكوّن من هذه العناصر الأربع ، فإذا نزعها انتفت عنه وانتهت ».
النقطة الثالثة : الغلوّ : الدين الإسلامي دين سماوي ، مبنيّ على أُصول شرعية وعقلائية ، جاء موافقاً للفطرة وللذوق العقلائي ، وجاء هادياً الناس إلى أنّ يعتقدون بأُلوهية الله سبحانه وتعالى ، ولا يشركون به شيئاً ، فهو الموجد للكون وخالقه ، ومجري حركاته وسكناته ، وهو رازق من فيه ، ومحي كُلّ حيّ ، ومميت كُلّ ميّت ، وهو الذي يشفي ، وهو الذي يمرض ، وبمشيئته يحصل كُلّ شيء ، قال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ ) (٢).
وبيّن أنّه القاهر فوق عباده فقال : ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ) (٣) ، وبيّن أنّ كُلّ من في الأرض عبيده ، وكُلّ آتيه طوعاً أو كرهاً : ( إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ) (٤) ، وصوّر للإنسان أنّه هو الخالق له
____________
١ ـ هدية النملة إلى مرجع الملّة : ٢٣.
٢ ـ الزخرف : ٨٤.
٣ ـ الأنعام : ١٨.
٤ ـ مريم : ٩٣.