وكذلك ما رواه الحاكم النيسابوري في « المستدرك » وصحّحه ، حيث قال سعد بن أبي وقّاص لمن شتم علياً : يا هذا ، على ما تشتم علي بن أبي طالب ، ألم يكن أوّل من أسلم؟ ألم يكن أوّل من صلّى مع رسول الله؟ ألم يكن أزهد الناس؟ ألم يكن أعلم الناس؟ وذكر حتّى قال : ألم يكن ختن رسول الله صلىاللهعليهوآله على ابنته؟ ألم يكن صاحب راية رسول الله في غزواته؟ ثمّ استقبل القبلة ورفع يديه وقال : اللهم إن هذا يشتم ولياً من أوليائك ، فلا تفرّق هذا الجمع حتّى تريهم قدرتك ، قال قيس : فو الله ما تفرّقنا حتّى ساخت به دابته ، فرمته على هامّته في تلك الأحجار فانفلق دماغه ومات (١).
فنحن الآن في عصرٍ لا يعذر فيه الجاهل ، لأنّ التقدّم الحادث في عصرنا في مجال الاتصالات مهّد السبيل للوصول إلى الحقائق ، وجعل العالم بأسرة كأنّه قرية صغيرة.
فيا ترى هل يعقل أن يأتي أقوام فيقولون : القاتل والمقتول في الجنّة!! القاتل اجتهد في قتل وقتال علي عليهالسلام فأخطأ! فبالله عليك كيف وسعه أن يجتهد في مقابل النصوص التي سمعها بنفسه من الرسول صلىاللهعليهوآله فهل هذا اجتهاد؟ أم هو اتباع للأهواء والمصالح والمبتغيات؟!
وفي النهاية أختم رسالتي بالإشارة إلى مسألة الوحدة والتقريب بين المذاهب الإسلامية فأقول : إنّ مفهوم الوحدة هو أن يتقارب المسلمون بشتّى المذاهب فيما اتفقوا عليه ، وهذا المتّفق عليه يكون سبباً لتقاربهم ووحدة صفهم.
وأمّا في المسائل الخلافية الموجودة حتّى بين المذاهب الأربعة السنّية فنقول : على المسلمين أن يجلسوا على طاولة الحوار الهادف الهادئ بعد تزكية أنفسهم وقصد التقرّب إلى الله تعالى فقط ، لأنّ الإنسان إذا لم يتمكّن من مجاهدة هواه ، فإنّه لا يتمكّن أن يطمئن إلى النتائج الفكرية التي يتوصّل إليها ، فمن
____________
١ ـ المستدرك ٣ / ٥٠٠.