وقد فتح الأُمويّون والعبّاسيّون وغيرُهم الفتوح ، ومصّروا الأمصار ، طلباً للمُلك والعزّ.
أخرج أحمد في «مسنده» (١) ، عن أبي بكرة ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قال : «إنّ الله تبارك وتعالى سيؤيّد هذا الدين بأقوام لا خَلاق لهم».
وروى البخاري (٢) : أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «إنّ الله يؤيّد الدين بالرجل الفاجر».
ودعوى أنّه أقام قواعد السنة ممنوعة ؛ لِما رأيناه من تبديله إيّاها ، وتشريعه خلاف ما جاء به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على حسب ما تهواه نفسه ، وتقتضيه سياسته ـ كما ستعرف ـ وإنّما أقام قواعد مُلكه ، وحاط الدين ما درّت محالبه.
وقوله : «وسيرته في الخلافة غنيّة عن الذِكر» ..
لعلّه يريد به ما كان يصنعه مع الناس من الإهانة والتحقير ، والجفاء والضرب ، بلا موجب (٣).
__________________
(١) ص ٤٥ من الجزء الخامس. منه (قدس سره).
(٢) في باب إنّ الله يؤيّد الدينَ بالرجل الفاجر من كتاب الجهاد ، وفي باب غزوة خيبر من كتاب المغازي [٤ / ١٦٦ ح ٢٥٩ وج ٥ / ٢٧٧ ح ٢٢٥]. منه (قدس سره).
(٣) فمن ذلك ما رووه أنّ عمر بن الخطّاب كان قاعداً ، ومعه الدرّة ، والناس حوله ، إذ أقبل الجارود ، فقال رجل : هذا سيّد ربيعة ؛ فسمعه عمر ومَن حوله ، وسمعها الجارود ، فلمّا دنا منه خفقه بالدرّة ، فقال : ما لي ولك يا أمير المؤمنين؟! فقال : ما لي ولك؟! أمَا لقد سمعتَها! قال : سمعتُها فَمهْ؟! قال : خشيتُ أن يخالط قلبك منها شيء ، فأحببتُ أن أُطأطئ منك.
انظر : مناقب عمر ـ لابن الجوزي ـ : ٢٠٣ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي