وهذا من السخف ؛ إذ لا معنى لنسخ الآية بالزكاة ؛ لعدم التنافي بينهما ؛ إذ يمكن أن تجب الزكاة والزائد على الحاجة معاً بلا منافاة ..
كما قد تجب الزكاة دون الزائد ؛ لتعلّقها بمال الفقير ..
أو يجب الزائد دون الزكاة ؛ لعدم كون مال الغنيّ من الزكويّات ..
فما معنى النسخ؟!
وهل يصحّ وقوع الخلاف فيه بين الصحابة؟!
الخامسة : إنّه كيف يمكن أن يضرب أبو ذرّ كعبَ الأحبار ، فيشجّه موضِحةً ، لمجرّد مخالفته له في فتوى اتّفق عليها كلُّ الصحابة؟!
وهذا ليس من سيماء العدالة ، ولا من أخلاق عيسى ، الذي شبّهه به رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كما رواه في «الاستيعاب» و «المستدرك» ، ونقله في «كنز العمّال» عن جماعة (١).
فلا بُد أن يكون ضربه له لإفتائه بما يخالف الدين والملّة ، كإحلاله للخليفة مال الله باسم القرض ، أو أخذ الزائد ـ من بيت المال ـ على عطاء المسلمين ، كما في بعض الأخبار (٢).
فيكون كعبُ الأحبار مبيحاً لعثمان وبني أُميّة أن يجعلوا مال الله دولا وكنوزاً ، فاستحقّ من أبي ذرّ الضرب.
السادسة : إنّ الأخبار التي رواها الطبريُّ ، واتّخذها السنةُ سنداً
__________________
(١) انظر : الاستيعاب ١ / ٢٥٥ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٣٨٥ ح ٥٤٦٠ ، كنز العمال ١١ / ٦٦٦ ح ٣٣٢١٩ و ٣٣٢٢٠ و ٣٣٢٢٢ وص ٦٦٧ ح ٣٣٢٢٥ و ٣٣٢٢٦ و ٣٣٢٢٨ وص ٦٦٨ ح ٣٣٢٢٩ ـ ٣٣٢٣١.
(٢) انظر : أنساب الأشراف ٦ / ١٦٦ ، مروج الذهب ٢ / ٣٤٠ ، شرح نهج البلاغة ٨ / ٢٥٦.