فقالوا جميعاً : اللّهمّ نعم» ، كما رواه البخاري في «صحيحه» (١).
وروى ـ أيضاً ـ في «الصحيح» فقال : حدّثنا عبد الله بن يوسف ، قال : حدّثنا مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «لا تقتسم ورثتي ديناراً ، وما تركت ـ بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي ـ فهو صدقة» (٢) ؛ انتهى.
فكيف يقول هذا الفاجر الكاذب : إنّ أبا بكر تفرّد برواية حديث عدم توريث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
فإن قيل : لا بُد لكم من بيان حجّية هذا الحديث ، ومن بيان ترجيحه على الآية.
قلنا : حجّية خبر الواحد والترجيح ممّا لا حاجة بنا إليه ها هنا ؛ لأنّ أبا بكر كان حاكماً بما سمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فلا اشتباه عنده في سنده ، وعلم ـ أيضاً ـ دلالته على ما حمله عليه من المعنى ؛ لانتفاء الاحتمالات التي يمكن تطرّقها إليه بقرينة الحال ، فصار عنده دليلا قطعياً مخصِّصاً للعمومات الواردة في بيان الإرث.
وأما ما ذكر أنّ أبا بكر لا يُسمع عنه هذا الخبر ؛ لأنّه كان غريماً ؛ لأنّ الصدقة تحلّ له ؛ فما أجهله بالفرق بين الشهادة والرواية ؛ فإنّ الشهادة لا تُسمع من الغريم الذي يجرّ النفع ، والرواية ليست كذلك ، وهذا معلوم عند العامة ومجهول عنده.
وأما ما ذكر من النصوص على أنّ الأنبياء يُورَثون ؛ لقوله تعالى :
__________________
(١) صحيح البخاري ٤ / ١٧٨ ـ ١٨٠ ح ٣ وج ٨ / ٢٦٦ ـ ٢٦٧ ح ٥.
(٢) صحيح البخاري ٤ / ٦٣ ح ٣٧ وج ٨ / ٢٦٨ ح ٦.