(وورث سليمانُ داودَ) (١) ؛ فالمراد : ميراث العِلم والنبوّة والحكمة.
وأمّا دعاء زكريّا ؛ فاتّفق العلماء أنّ المراد منه : النبوّة والحبورة (٢) ، وإلاّ لم يُستجب دعاؤه ؛ لأنّ الإجماع على أنّ يحيى قُتل قبل زكريا ، فكيف يصحّ حمله على الميراث وهو لم يرث منه؟!
وأمّا ما ذكره أنّه ناقض فعله في توريث عليّ في السيف والعمامة ..
فالجواب : أنّه أعطاهما عليا ؛ لأنّه كان المصالِح ، والصدقة في هذا الحديث لا يُراد بها الزكاة المحرّمة على أهل البيت ، بل المراد : أنّها من جملة بيت مال المسلمين ، وقد يطلق الصدقة بالمعنى الأعمّ ، وهو كلّ مال يُرصد لمصالح المسلمين والجنود ، وبهذا المعنى يشمل خُمس الغنائم ، والفيء ، والخراج ، ومال من لا وارث له من المسلمين ، والزكوات ؛ وقد يُطلق ويُراد به : الزكوات المفروضة والصدقة المسنونة المتبرّع بها ، وهاتان الأخيرتان كانتا محرّمتين على أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فأعطى أبو بكر سيف رسول الله وعمامته عليا ؛ لأنّه كان من جملة مال من لا وارث له مِن المسلمين ، ولو كان ميراثاً لكان العبّاس وارثاً أيضاً ؛ لأنّه كان العمّ.
وأمّا قوله : «لكان أهل البيت ـ الّذين حكى الله عنهم بأنّه
__________________
(١) سورة النمل ٢٧ : ١٦.
(٢) انظر : تفسير البغوي ٣ / ١٥٨.
والحِبرُ والحبرُ : العالِمُ ذمّيا كان أو مسلماً ، وجمعه : أَحبارٌ وحبُور ؛ انظر : لسان العرب ٣ / ١٤ مادّة «حبر».
والظاهر أنّه أراد بالحبورة : العِلم ، والورع ، والتقوى ، والانقطاع إلى الله ، على المجاز هنا ؛ فتأمل!