.................................................................................................
______________________________________________________
يوم عرفة أو صرف المال في التعزية والتصدق ونحو ذلك ، بل يشمل كل شيء فيه رجحان ، كما لو نذر قراءة سورة معيّنة في بيته أو في المسجد الفلاني في أوّل ذي الحجّة مثلاً أو يصلي في مسجد من مساجد بلده في يوم عرفة ونحو ذلك من الأُمور الراجحة التي يفوت بها الحجّ ، ولو صح ذلك لأمكن لكل أحد أن يحتال في سقوط الحجّ بنذر هذه الأُمور ويدفع وجوب الحجّ عن نفسه بذلك ، وهذا مقطوع البطلان ولا يمكن الالتزام به أبداً.
ثمّ إنه لو عصى ولم يحج فهل يجب الوفاء بالنذر بدعوى أن المزاحم عن الوفاء بالنذر كان هو الحجّ والمفروض أنه لم يأت به فلا مانع من وجوب إتيان متعلق النذر بنحو الترتب؟
الظاهر عدم وجوب إتيان متعلق النذر حتى في مثل الفرض لعدم جريان الترتب في أمثال المقام ، لأن الترتب إنما يجري في الواجبين الفعليين اللذين يشتمل كل منهما على ملاك ملزم غاية الأمر لا يتمكن المكلف من الجمع بينهما في مقام الامتثال ، وهذا إنما يختص بما إذا كان الواجب واجباً ابتدائياً أصلياً كالصلاة وإزالة النجاسة ، وأما إذا كان الواجب واجباً إمضائياً وتابعاً لما التزم به المكلف على نفسه فلا يجري فيه الترتب ، لأن ما التزم به المكلف إنما هو مطلقٌ مستلزم لترك الحجّ وهذا غير قابل للإمضاء ، وأما المشروط يعني المقيد بترك الحجّ فلم ينشئه ولم يلتزم به ، فما هو قابل للإمضاء لم يلتزمه ولم ينشئه وما التزم به غير قابل للإمضاء ، ونظير ذلك من كان مستطيعاً وآجر نفسه للغير فإن صحته مطلقاً غير ممكن ومقيداً لم ينشئه فتكون الإجارة فاسدة ويرجع إلى أُجرة المثل.
وممّا ذكرنا ظهر أنه لو نذر إتيان عمل من الأعمال المنافية للحج على تقدير ترك الحجّ صح نذره ، هذا تمام الكلام فيما إذا كان وجوب الحجّ كسائر الواجبات الإلهية التي لم تؤخذ القدرة الشرعية المصطلحة فيها.
وأمّا بناء على المشهور من أخذ القدرة الشرعية في الحجّ وإن كان مقتضاه تقدّم كل واجب عليه ومزاحمته له لعدم بقاء الموضوع للحج فيما زاحمه واجب آخر ، لكن