.................................................................................................
______________________________________________________
في خصوص النذر لا يمكن الالتزام بذلك ، لأن ما ذكروه من أخذ القدرة الشرعية في الحجّ وتقدم كل واجب عليه لو صحّ فإنما يصحّ في الواجبات الابتدائية ، وأمّا النذر فليس واجباً ابتدائياً وإنما هو واجب إمضائي كما عرفت ويجب الوفاء به فيما هو قابل للإمضاء ، ولا قابلية له للإمضاء في المقام لاستلزامه ترك الحجّ فلا يشمله دليل وجوب الوفاء كما هو الحال في العمل بالشرط في العقود ، فإن الشرط إذا كان محرماً للحلال ومحللاً للحرام لا يجب العمل به وإن اتي به في ضمن العقد اللازم.
هذا ، وقد يقال بأخذ القدرة الشرعية في موضوع وجوب الحجّ تمسّكاً بصحيح الحلبي «قال (عليه السلام) : إذا قدر على ما يحج به ثمّ دفع ذلك وليس له شغل يعذره به ، فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام» (١) بدعوى ظهوره في أن مطلق العذر رافع للوجوب ، والوفاء بالنذر عذر فيكون رافعاً للوجوب.
وفيه : أن الرواية لم تبين الصغرى ، وإنما تعرضت لترك الحجّ بلا عذر ، وأمّا كون الشيء الخاص عذراً فلا بدّ من إثباته من الخارج ، كما ثبت العذر في موارد الحرج والضرر الزائدين على ما يقتضيه الحجّ ، ولم يثبت من الخارج كون الوفاء بالنذر عذراً ، فالحج كسائر الواجبات الشرعية في عدم أخذ القدرة الشرعية فيه ، هذا من ناحية وجوب الحجّ.
وأما الوفاء بالنذر فقد عرفت أنه ليس بواجب ابتدائي وإنما هو واجب إمضائي وإلزام بما التزم المكلف على نفسه ، وحينئذ لا بدّ أن يكون الفعل قابلاً للإضافة إليه تعالى وهو المراد بالراجح في كلماتهم ، فالعمل المستلزم لترك الواجب لا يمكن إمضاؤه إذ لا يمكن استناده إليه تعالى ، فإن الالتزام بشيء التزام بلوازمه ، وإذا التزم بزيارة الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة فهو التزام بترك الحجّ حقيقة وهذا غير راجح قطعاً ، ولذا ذكرنا في باب مقدمة الواجب واقتضاء الأمر النهي عن ضده أن إنكار وجوب المقدمة أو نفي الاقتضاء إنما هو بحسب الأمر الاعتباري ، بمعنى أن الأمر بالشيء لا يلازم الأمر بمقدمته في مقام الاعتبار لعدم الملازمة بين الاعتبارين ويمكن
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٦ / أبواب وجوب الحجّ ب ٦ ح ٣.