.................................................................................................
______________________________________________________
التفكيك بينهما ، وكذا في باب الاقتضاء ، وأما بحسب الأمر التكويني الخارجي فلا ريب أن الشوق إلى ذي المقدمة يقتضي الشوق إلى مقدمته الموصلة ، وأنّ الشوق إلى شيء يقتضي الشوق إلى ترك ضده ، فإن من يشتاق إلى أكل اللحم مثلاً لا ريب في اشتياقه إلى التعرض للسوق لشراء اللحم ، وكذا من اشتاق وجود شيء يشتاق إلى ترك ضده ، فالفعل المستلزم لترك الواجب بالنظر إلى قيده لا يمكن استناده وإضافته إليه تعالى ، ولا يشمله دليل وجوب الوفاء بالنذر سواء كان سابقاً أو لاحقاً ، لأن النذر مشروط بعدم تفويت الحجّ به وعدم استلزامه لترك الواجب ، والحجّ يتقدم لأنه مطلق.
وقد يناقش فيما ذكرنا بأنه لو اعتبر في انعقاد النذر ووجوب الوفاء به بأن لا يكون مستلزماً لترك واجب آخر فلازمه عدم انعقاد النذر فيما إذا تعلق بما يستلزم تفويت ما هو أهم كما إذا نذر أن يصلي في مسجد محلته ، فاللازم عدم انعقاده لأنه يستلزم تفويت الصلاة في المسجد الأعظم أو الحرم الشريف ، وكذا لو نذر أن يزور مسلماً (عليه السلام) فاللازم عدم انعقاده لأنه يستلزم ترك زيارة الحسين (عليه السلام) التي هي أرجح وأهم وهكذا ، وهذا أمر لا يمكن الالتزام به.
وفيه ما لا يخفى ، لأن الميزان في صحّة انعقاد النذر كما عرفت أن يكون الفعل المنذور قابلاً للإضافة إليه تعالى ، والمستحب المستلزم لترك مستحب آخر أهم وأرجح صالح للإضافة إليه تعالى. نعم ، لو نذر ترك الراجح أو الأهم في نفسه لا ينعقد النذر كما إذا نذر ترك زيارة الحسين (عليه السلام) وأما إذا نذر شيئاً راجحاً في نفسه فلا مانع من انعقاده وإضافته إليه تعالى وإن كان مستلزماً لترك ما هو أثوب وأرجح إذ لا يلزم أن يكون متعلق النذر أثوب وأرجح وإنما اللّازم رجحانه وصحّة الإضافة إليه تعالى ، فكل من الفعلين الراجحين قابل لتعلق النذر به وإضافته إليه تعالى وإن كان أحدهما أرجح من الآخر كزيارة الحسين (عليه السلام) بالنسبة إلى زيارة مسلم (عليه السلام). وبالجملة : لا ينبغي الريب في تقدم الحجّ على النذر ، ولو قلنا بتقدّم النذر لأمكن الاحتيال في سقوط الحجّ بالمرة عن كل مسلم مستطيع ، وهذا بديهي البطلان.