.................................................................................................
______________________________________________________
القيامة ، ولا تدل الآيات على أنّ ترك الصلاة موجب للكفر ، بل الكفر وتكذيب يوم القيامة منشأ لترك الصلاة وعدم أداء الزكاة ، فلا تدل الآية على أن منكر الحجّ كافر. مضافاً إلى أنه فسّر الكفر بالترك في صحيح معاوية بن عمار «وعن قول الله عزّ وجلّ (وَمَنْ كَفَرَ) ، يعني من ترك» (١) على أنه يمكن أن يقال : إنّ المراد بالكفر في المقام الكفران المقابل للشكر ، فإن الكفر له إطلاقان :
أحدهما : الكفر المقابل للإيمان.
ثانيهما : الكفران مقابل شكر النعمة ، ولا يبعد أن يكون المراد به هنا هو الكفران وترك الشكر بترك طاعته تعالى كما في قوله سبحانه (إِنّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمّا شاكِراً وَإِمّا كَفُوراً) (٢) يعني إمّا أن يشكر ويهتدي بالسبيل ، ويعمل على طبق وظائفه الشرعية ، وإمّا أن يكفر بالنعمة ولا يهتدي السبيل ولا يعمل على طبق وظائفه ولا يشكر ما أنعم الله عليه.
وقد يستدلّ على كفر منكر الحجّ بما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر في حديث قال «قلت : فمن لم يحج منّا فقد كفر؟ قال : لا ، ولكن من قال ليس هذا هكذا فقد كفر» (٣) ، بدعوى : أنّ قوله «ليس هذا هكذا» راجع إلى إنكار الحجّ ، يعني مَن أنكر الحجّ وقال بأنّ الحجّ ليس بواجب فقد كفر.
وفيه : أن الظاهر من ذلك رجوعه إلى إنكار القرآن وأن هذه الآية ليست من القرآن وأن القرآن ليس هكذا ، فإنه (عليه السلام) استشهد أوّلاً بقول الله عزّ وجلّ (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) ثمّ سأل السائل فمن لم يحج منّا فقد كفر ، قال (عليه السلام) : «لا ، ولكن من قال ليس هذا هكذا فقد كفر» فالإنكار راجع إلى إنكار القرآن وتكذيب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) :
وبالجملة : لم يظهر من شيء من الأدلة كفر منكر الحجّ بحيث يترتب عليه أحكام
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٣١ / أبواب وجوب الحجّ ب ٧ ح ٢.
(٢) الإنسان ٧٦ : ٣.
(٣) الوسائل ١١ : ١٦ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢ ح ١ ، التهذيب ٥ : ١٦ / ٤٨.