وتركه من غير استخفاف من الكبائر (١) ، ولا يجب في أصل الشرع إلّا مرّة واحدة في تمام العمر (٢) وهو المسمّى بحجّة الإسلام أي : الحجّ الذي بُنيَ عليه الإسلام مثل
______________________________________________________
الكافر بمجرّد إنكاره من دون أن يستلزم ذلك تكذيب النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) كما إذا لم يكن ملتفتاً إلى هذه الملازمة ، وكان جديد عهد بالإسلام فأنكر وجوب الحجّ ونحوه.
(١) لا ريب أنّ الاستخفاف بالأحكام الإلهية مذموم ومبغوض في الشريعة المقدّسة كما ورد الذم في الخبر الوارد في الفأرة التي وقعت في خابية فيها سمن أو زيت فقال (عليه السلام) : لا تأكله ، فقال السائل : الفأرة أهون عليّ من أن أترك طعامي من أجلها ، فقال له أبو جعفر (عليه السلام) إنك لم تستخف بالفأرة وإنما استخففت بدينك (١).
وبالجملة : الاستخفاف بأي حكم إلهي مذموم عند الشرع المقدّس ، ولكنّه لا دليل على أنه موجب للكفر ، وقد عرفت قريباً أن موجبات الكفر إنكار أحد أُمور ثلاثة : الوحدانية ، والرسالة ، والمعاد ، ومجرّد الاستخفاف ما لم يرجع إلى إنكار أحد هذه الأُمور لا يوجب الكفر. نعم ، لا إشكال في أن ترك الحجّ عمداً من الكبائر لعدّه منها في جملة من النصوص (٢). ولا يبعد أن يكون الاستخفاف به من الكبائر ، فإنه نظير الاستخفاف بالصّلاة كما في قوله تعالى (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) (٣) بناء على أنّ المراد بالسهو عن الصلاة الاستخفاف بها ، والحجّ نظير الصلاة لأنه ممّا بني عليه الإسلام.
(٢) ويدلّ على ذلك مضافاً إلى الإجماع والتسالم بين المسلمين ، السيرة القطعية المستمرّة ، ولم ينقل الخلاف من أحد عدا الصدوق في العلل ، فإنه بعد ما نقل خبر محمّد
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٠٦ / أبواب الماء المضاف ب ٥ ح ٢.
(٢) الوسائل ١٥ : ٣١٨ / أبواب جهاد النفس ب ٤٦.
(٣) الماعون ١٠٧ : ٤ ، ٥.