.................................................................................................
______________________________________________________
إلى من يجب عليه ، وعند فعلية الوجوب لا مطلقاً ، ومن ثمّ لا يجب عند توقفه على ارتكاب بعض المحرمات المهمّة كالزنا واللواط وقتل النفس وشرب الخمر.
فتحصل : أن الدّين بما هو دين لا يكون مزاحماً للحج ، وإنما يزاحمه فيما إذا كان أداء الدّين واجباً بالفعل ، كما إذا كان حالّا ، أو كان صرف المال في الحجّ منافياً للأداء في المستقبل ، وحينئذ يقدم الدّين لأهميّته جزماً أو احتمالاً ، وأما إذا كان متمكناً من أدائه في وقته ، أو كان حالّا وأذن له بالتأخير ، فلا مزاحمة أصلاً ، ولا ينبغي الإشكال في تقديم الحجّ.
ويدلّ على ما ذكرنا أيضاً صحيح معاوية بن عمار قال : «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل عليه دين أعليه أن يحجّ؟ قال : نعم ، إن حجّة الإسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين» (١) فإن المستفاد منه أن الدّين بنفسه لا يكون مانعاً عن الحجّ ، فما ذهب إليه المحقق وجماعة من أن الدّين مطلقاً مانع عن الحجّ (٢) لا وجه له.
وأمّا إنكار المصنف (قدس سره) أهميّة الدّين من الحجّ مستشهداً بتوزيع التركة على الحجّ والدّين وعدم تقديم دين الناس ، فإن ذلك يدل على عدم أهميّة الدّين ، وإلّا لزم تقديم الدّين على الحجّ ، ففيه :
أوّلاً : أن مورد التوزيع هو حال الوفاة ، وذلك لا يكشف عن عدم الأهميّة للدّين حال الحيوة ، فإن الميت لا تكليف عليه ، وإنما يكون ضامناً ومديوناً ، وهذا بخلاف الحي ، فإنه مكلف بأداء الدّين والحجّ ، فلا يقاس أحدهما بالآخر.
وبعبارة اخرى : حكم الدّين حال الوفاة وضعي محض ، وأما حال الحياة فالحكم تكليفي أيضاً ، فلا يقاس الحكم التكليفي بالوضعي ، فأحد البابين أجنبي عن الآخر.
وثانياً : أن المصرّح به في الروايات (٣) كون الحجّ ديناً وأنه يخرج من صلب المال
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٤٣ / أبواب وجوب الحجّ ب ١١ ح ١.
(٢) الشرائع ١ : ٢٠١.
(٣) الوسائل ١١ : ٦٦ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢٥ ، ٢٨.