.................................................................................................
______________________________________________________
فهما سيّان من هذه الجهة ، غاية الأمر أحدهما دين الله والآخر دين الناس ، فهو كأنه مدين لشخصين لا يفي المال إلّا لأحدهما ويوزع المال بينهما قهراً ، فلا يكون التوزيع حينئذ شاهداً على عدم أهميّة دين الناس.
وثالثاً : أن التوزيع الذي استشهد به لم يدل عليه أيّ دليل ، وإنما ذكره العلماء في كلماتهم ، بل يظهر من صحيح بريد العجلي (١) الوارد في من مات قبل أن يحرم ، أنه يصرف جمله وزاده ونفقته وما معه في حجّة الإسلام ، فإن فضل من ذلك شيء فهو للدين ثمّ للورثة عدم التوزيع وتقديم الحجّ على الدّين ، ولكن إنما نلتزم بتقديم الحجّ على الدّين في مورد الوفاة للنص ، وأين هذا من تكليف نفس الشخص حال حياته وكان عليه دين غير واثق بأدائه في وقته أو أنه حالّ مطالب به.
ويدلُّ أيضاً على تقديم الحجّ على الدّين حال الوفاة صحيح معاوية بن عمار «رجل يموت وعليه خمسمائة درهم من الزكاة وعليه حجّة الإسلام وترك ثلاثمائة درهم ، فأوصى بحجّة الإسلام ، وأن يقضى عنه دين الزكاة ، قال : يحجّ عنه من أقرب ما يكون ، ويخرج البقية في الزكاة» (٢) ومورده وإن كان عنوان الزكاة إلّا أنه لا خصوصية له لأنّ الزكاة دين أيضاً ، ومع الغض عن الصحيحين لا بدّ من صرف المال في الدّين لكونه أهم كما عرفت.
وبعبارة أُخرى : إذا كان المال وافياً للأمرين فلا كلام في التوزيع ، وإلّا فيقع التزاحم بينهما حياً كان صاحب المال أو ميتاً. ولو كنا نحن ومقتضى القاعدة ، فلا بدّ من صرف المال في الدّين لأهميّته ، ولكن في مورد الوفاة يصرف المال في الحجّ بمقتضى النص ، فالتوزيع الذي ذكره المصنف (قدس سره) لا يجري في المقام أصلاً ، بل يدور الأمر بين تقديم الدّين حسب ما تقتضيه القاعدة ، أو تقديم الحجّ كما يقتضيه النص.
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٦٨ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢٦ ح ٢.
(٢) الوسائل ٩ : ٢٥٥ / أبواب المستحقين للزكاة ب ٢١ ح ٢.