وفي مقتل العباس قال : قدم أخوته لأمه وأبيه فقتلوا جميعاً فحاز مواريثهم ، ثم تقدم وقتل ، فورثهم وإياه عبيد الله ونازعه في ذلك عمه عمر بن علي فصولح على شيء رضى به.
هذا غاية ما عندهما وقد تفردوا به من بين المؤرخين وأرباب المقاتل ، ولا يخفى على من له بصيرة وتأمل بعده عن الصواب ، وما أدري كيف خفي عليهما حيازة العباس ميراث أخوته مع وجود أُمهم «أم البنين» وهي من الطبقة المتقدمة على الأخ ، ولم يجهل العباس شريعة تربى في خلالها.
على أنّ هذه الكلمة لا تصدر من أدنى الناس سيما في ذلك الموقف الذي يذهل الواقف عن نفسه وماله ، فأي شخص كان يدور في خلده ذلك اليوم حيازة المواريث بتحريض ذويه واخوته للقتل ، وعلى الأخص يصدر ذلك من رجل يعلم أنّه لا يبقى بعدهم ، ولا يتهنأ بمالهم ، بل يكون فعله لمحض أن تتمتع به أولاده.
بئست الكلمة القبيحة التي راموا أن يلوثوا بها ساحة ذلك السيد الكريم ، فهل ترغب أنت أن يقال لك : عرضت اخوتك وبني أمك لحومة الوغى لتحوز مواريثهم؟! أم أنّ هذا من الدناءة والخسة فلا ترضاه لنفسك! كما لا يرغب به سوقة الناس وأدناهم؟
فكيف ترضى أيها المنصف ذلك لمن علّم الناس الشهامة وكرم الأخلاق وواسى حجة زمانه بنفسه الزاكية؟
وكيف ينسب هذا لخريج تلك الجامعة العظمى والمدرسة الكبرى ، جامعة النبوة ومدرسة الامامة ، وتربى بحجر أبيه ، وأخذ المعارف منه ومن أخويه الامامين؟!
ولو تأمل جيداً في تقديمه إياهم للقتل لعرفنا كبر نفسه وغاية مفاداته عن أخيه السبط ، فلذة كبد النبي صلىاللهعليهوآله ومهجة البتول ، فانّ من الواضح البين أنّ غرضه من تقديمهم للقتل :