قال : ثم قلت : هذا علي بن الحسين عليهالسلام مع عماته وأخواته قد حلوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم ، وأنا رسوله اليكم أعرفكم مكانه.
قال : فما بقيت في المدينة مخدرة ولا محجبة إلّا برزن من خدورهن ، مكشوفة شعورهن ، مخمشة وجوههن ، ضاربات خدودهن ، يدعون بالويل والثبور ، فلم أر باكياً أكثر من ذلك اليوم ، ولا يوماً أمرّ على المسلمين منه (١).
قال بشير : ورأيت امرأة كبيرة تحمل على عاتقها طفلاً وهي تشق الصفوف نحوي ، فلمّا وصلت قالت : يا هذا أخبرني عن سيدي الحسين عليهالسلام ، فعلمت أنها ذاهلة ؛ لأني أنادي «قتل الحسين» وهي تسألني عنه ، فسألت عنها ، فقيل لي : هذه أم البنين عليهاالسلام ، فأشففت عليها وخفت أن أخبرها بأولادها مرة واحدة.
فقلت لها : عظم الله لك الأجر بولدك عبد الله.
فقالت : ما سألتك عن عبد الله ، أخبرني عن الحسين عليهالسلام.
قال : فقلت لها : عظم الله لك الأجر بولدك عثمان.
فقالت : ما سألتك عن عثمان ، أخبرني عن الحسين عليهالسلام.
قلت لها : عظم الله لك الأجر بولدك جعفر.
قالت : ما سألتك عن جعفر ، فانّ ولدي وما أظلته السماء فداءً للحسين عليهالسلام ، أخبرني عن الحسين عليهالسلام.
قلت لها : عظم لك الأجر بولدك أبي الفضل العباس.
قال بشير : لقد رأيتها وقد وضعت يديها على خاصرتها وسقط الطفل من على عاتقها وقالت : لقد والله قطعت نياط قلبي ، أخبرني عن الحسين.
قال : فقلت لها : عظم الله لك الأجر بمصاب مولانا أبي عبد الله الحسين عليهالسلام.
__________________
(١) معالي السبطين ٢ / ٢٠٣.