وتلك الأيام الغرّ التي صارت فيها هذه الأرض الطيبة مهبطاً للوحي ، ومختلفاً للملائكة والروح المكين.
وقد ورد عن الحسين بن الجهم قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام : أيّهما أفضل المقام بمكة أو بالمدينة؟
فقال : أي شيء تقول أنت؟
فقلت : وما قولي مع قولك؟!
قال : إنّ قولك يردّ إلى قولي.
قال : فقلت له : أمّا أنا فأزعم أنّ المقام بالمدينة أفضل من الاقامة بمكة.
فقال : أمّا لئن قلت ذلك لقد قال أبو عبد الله عليهالسلام ذلك يوم فطر ، وجاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فسلّم عليه ثم قال : لقد فضلنا الناس اليوم بسلامنا على رسول الله صلىاللهعليهوآله (١).
وعن مرازم قال : دخلت أنا وعمار وجماعة على أبي عبد الله عليهالسلام بالمدينة فقال : ما مقامكم؟
فقال عمار : قد سرحنا ظهرنا وأمرنا أن نؤتى به إلى خمسة عشر يوماً.
فقال : أصبتم المقام في بلد رسول الله صلىاللهعليهوآله والصلاة في مسجده ، واعملوا لآخرتكم وأكثروا لأنفسكم ، إنّ الرجل قد يكون كيّساً في الدنيا فيقال : ما أكيس فلاناً ، وإنّما الكيّس كيّس الآخرة (٢).
وعن علي بن الحسين قال : لما دخل رسول الله صلىاللهعليهوآله المدينة قال : اللهم حبّب الينا المدينة كما حبّبت الينا مكة وأشدّ ، وبارك في صاعها ومدّها ، وانقل حماها ووباءها إلى الجحفة (٣).
__________________
(١) الكافي ٤ / ٥٥٧ ح ١.
(٢) الكافي ٤ / ٢٥٥٧ ح ٢.
(٣) الفقيه ٢ / ٣٣٧ ح ١٥٦٩. والأحاديث جميعاً في الوسائل ١٤ / ٣٤٧ وما بعدها باب ١٠.