محمداً ، ومحمد بن أبي بكر يعزّ له النظير في جلالة القدر ورفعة الشان وعلو المقام وصلابة الايمان والثبات والاستقامة على ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام حتى استشهد في مصر بايعاز من معاوية ، فقتل قتلة شنيعة ، فلما سمع أمير المؤمنين خبر شهادته قال : شهادته قصمت ظهري ، ثم تكلّم كلاماً ترتعد له الفرائص وترتجف له القلوب (١).
وكان أبو بكر قد خطب أسماء في الاسلام وعنده حبيبة بنت الحارث الأنصاري ، فلما توفي أبو بكر أوصى إلى أسماء بنت عميس أن تغسله ، كما رواه الطبرسي ، فقبلت أسماء الوصية ـ ولا مناص لها إلّا القبول (٢) ـ وتحملت عناء التنفيذ.
وهذه الوصية إنّما تدلّ على طهارة أسماء وتقواها ، وكمال إيمانها وتدينها : لأنه أوصى لها من دون المسلمين ومن دون بقية أزواجه ، وكان له ثلاث زوجات غيرها هن : أسماء بنت عبد العزى ، ولد منها عبد الله ، وأسماء ذات النطاقين ، وأم رومان بنت عامر بن عمير من بني كنانة ، ولد منها عبد الرحمن وعائشة وحبيبة.
والعجيب أنّه في مدة خلافته القليلة ـ سنتين وثلاثة أشهر وأيام ـ كانت أسماء في بيته تغذي ابنها محمد محبة أمير المؤمنين وولايته على مرأى ومسمع من أبي بكر ، فخرّجت من بيته من جُبلوا على محبة أمير المؤمنين عليهالسلام ، فكأن أسماء كانت هي أشرف الأبوين لمحمد بن أبي بكر حيث ما فتأت توصيه دائماً بولاية آل طه وأهل بيت النبوة ، فشبّ على ذلك ، ولم يحد عنه بل بقي ثابتاً راسخاً.
ومن غرائب الوقائع وعجائب الدهر التي تكشف عن شهامة هذه المخدرة المكرمة وشدّة ولائها وصلابة إيمانها وشجاعتها أنها كانت في حبائل أبي بكر إلّا أنّها شهدت عليه ، وردّت قوله في قصة فدك ، ووقفت لتعلن على رؤوس الأشهاد
__________________
(١) أنظر : البحار ٣٣ / ٥٦٢ ح ٧٢٢ باب ٣٠.
(٢) أنظر : تاريخ الطبرسي ٣ / ٤٢١ أحداث سنة (١٣) قال : إنّ أسماء بنت عميس قالت : قال لي أبو بكر : غسليني قلت : لا أطيق ذلك قال : يعينك عبد الرحمن بن أبي بكر يصب الماء.