لقد قدّمت أم البنين أبناء رسول الله على أبنائها في الخدمة والرعاية ، ولم يعرف التاريخ أنّ شريكة تخلص لأبناء شريكتها وتقدّمهم على أبنائها سوى هذه السيدة الزكية ، فقد كانت ترى ذلك واجباً دينياً لأن الله أمر بمودتهما في كتابه الكريم فقال تعالى : (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ) (١) وهما وديعتا رسول الله صلىاللهعليهوآله وريحانتاه ، وقد عرفت أم البنين ذلك فوفت بحقهما وقامت بخدمتهما خير قيام (٢).
روي أنها لما زفت إلى بيت الامام أمير المؤمنين عليهالسلام وجدت الامامين الحسن والحسين عليهماالسلام مريضين ، فأخذت تمرضهما وتقوم برعايتهما ، وتلاطفهما في القول ، وتطيب لهما الكلام ، حتى عوفيا من مرضهما وبرئا من علتهما.
ثم إنّها ـ على ما قيل ـ طلبت من الامام أمير المؤمنين عليهالسلام أن يعهد إلى أهل بيته بأن لا يدعوها أحد بعد ذلك باسمها «فاطمة» ، مخافة أن يتذكر أبناء فاطمة الزهراء عليهاالسلام أمهم فيتجدّد حزنهم ويلكأ جرح مصابهم ، فتثار أشجانهم وتعود اليهم ذكرياتهم ، فدعاها أمير المؤمنين بـ «أم البنين» (٣).
* * *
__________________
(١) سورة الشورى : الآية ٢٣.
(٢) العباس رائد الكرامة : ٢٧.
(٣) أنظر : الخصائص العباسية : ٢٥.