ثم إنّ الملك أمر لكل واحد منهم ببدرة بيض ، فحمل كلّ واحد منهم على دابة وبغل ، وأمر لكلّ واحد منهم بجارية وغلام وثياب فاخرة ، ولعبد المطلب بضعفي ما وهب لهم.
ثم دعا الملك بفرسه «العقاب» وبغلته «الشهباء» وناقته «العضباء» وقال : يا أبا الحارث ؛ إنّ الذي أسلمه اليك أمانة في عنقك تحفظها إلى أن تسلمها إلى محمد صلىاللهعليهوآله.
وقال له : إعلم أني ما طلبت على ظهر هذه الفرس شيئاً إلا وجدته ، وما قصدني عدو وأنا راكب عليها إلّا نجاني الله ـ تعالى ـ منه ، وأما البغلة فاني كنت أقطع بها الدكداك والجبال لحسن سيرها ، ولا أنزل عنها ليلي ونهاري ، فأمره أن يتحفظ ويجعلها لي تذكرة ، وبلغه عني التحية الكثيرة.
فقال عبد المطلب : السمع والطاعة.
ثم ودعوه وخرجوا نحو الحرم حتى دخلوا مكة ....
ثم إنّ عبد المطلب لما رأى النبي صلىاللهعليهوآله نزل عن مركوبه وعانقه وقبّل ما بين عينيه وقال له : إنّ هذا الفرس والبغلة والناقة أهداها اليك «سيف بن ذي يزن» ويقرأ عليك التحية الطيبة.
ثم أمر أن يحمل رسول الله صلىاللهعليهوآله على الفرس ، فلمّا استوى النبي صلىاللهعليهوآله على ظهر الفرس انتشط وصهل صهيلاً شديداً فرحاً برسول الله صلىاللهعليهوآله.
ونسب هذا الفرس (١) أنّه : عقاب بن ينزوب بن قابل بن بطال بن زاد الراكب بن الكفاح بن الجنح بن موج بن ميمون بن ريح ... (٢).
فكان عند النبي صلىاللهعليهوآله العقاب والمرتجز وذو الجناح ، وكانت من جياد الخيل
__________________
(١) كانت الخيل العربية ولا زالت ذات أنساب عريقة وأصيلة بحيث يحتفظ بشجرتها عند أصحابها عادة.
(٢) البحار ١٥ / ١٥٠ ـ ١٥١ والقصة مفصلة طويلة.