أقول : أعلم أن المنسوب إليه إذا كان على ثلاثة أحرف أوسطها مكسور وجب فتحه فى النسب ، وذلك ثلاثة أمثلة : نمر ، ودئل ، وإبل ، تقول : نمرى ودؤلى وإبلى ، وذلك لأنك لو لم تفتحه لصار جميع حروف الكلمة المبنية على الخفة : أى الثلاثيّة المجردة من الزوائد ، أو أكثرها ، على غاية من الثقل ؛ بتتابع الأمثال : من الياء ، والكسرة ، إذ فى نحو إبلى لم يخلص منها حرف ، وفى نحو يمرى ودئلىّ وخربى (١) لم يخلص منها إلا أول الحروف ، وأما نحو عضدى وعنقى فإنه وإن استولت الثقلاء أيضا على البنية المطلوبة منها الخفة إلا أن تغاير الثقلاء هون الأمر ، لأن الطبع لا ينفر من توالى المختلفات وإن كانت كلها مكروهة كما ينفر من توالى المتمائلات المكروهة ، إذ مجرد التوالى مكروه حتى فى غير المكروهات أيضا ، وكل كثير عدو للطبيعة.
وأما إذا لم يكن وضع الكلمة على أخف الأبنيه بأن تكون زائدة على الثلاثة فلا يستنكر تتالى الثقلاء الأمثال فيها ، إذ لم تكن فى أصل الوضع مبنية على الخفة ، فمن ثمّ تقول تغلبى ومغربى وجندلىّ (٢) وعلبطى (٣) ومستخرجى ومدحرجى وجحمرشى.
__________________
(١) خربى : منسوب إلى خربة ـ كنبقة ـ وهى موضع الخراب الذى هو ضد العمران ، أو هو منسوب إلى خرب بزنة كتف ـ وهو جل قرب تعار (جبل ببلاد قيس) ، وأرض بين هيت (بلد بالعراق) والشام ، وموضع بين فيد (قلعة بطريق مكة) والمدينة
(٢) جندلى : منسوب إلى جندل وهو المكان الغليظ الذى فيه الحجارة ، قال ابن سيده : «وحكاه كراع بضم الجيم. قال : ولا أحقه» اه
(٣) العلبط والعلابط : القطيع من الغنم ، ويقال : رجل علبط ، وعلابط ، إذا كان ضخما عظيما ، وصدر علبط ، إذا كان غليظا عريضا ، ولبن علبط ، إذا كان رائبا خاثرا جدا ، وكل ذلك محذوف من فعالل وليس بأصل ، لأنه لا تتوالى أربع حركات