المجرور والمكسور أيضا ، والظاهر أنه وهم ؛ لم يجوزه أحد من النحاة إلا فى المرفوع والمضموم ؛ لأن آلة الضمة الشفة ، وقصدك بالاشمام تصوير مخرج الحركة للناظر بالصورة التى يتصور ذلك المخرج بها عند النطق بتلك الحركة ؛ ليستدل بذلك على أن تلك الحركة هى الساقطة دون غيرها ، والشفتان بارزتان لعينه ، فيدرك نظره ضمهما ، وأما الكسرة فهى جزء الياء التى مخرجها وسط اللسان والفتحة جزء الألف التى مخرجها الحلق ، وهما محجوبان بالشفتين والسّنّ ، فلا يمكن المخاطب إدراك تهيئة المخرجين للحركتين
قال : «والأكثر على أن لا روم ولا إشمام فى هاء التّأنيث وميم الجمع والحركة العارضة»
أقول : لم أر أحدا : لا من القراء ولا من النحاة ، ذكر أنه يجوز الروم والإشمام فى أحد الثلاثة المذكورة ؛ بل كلهم منعوهما فيها مطلقا ، وأرى أن الذى أوهم المصنف أنه يجوز الرّوم والإشمام فيها قول الشاطبى ـ رحمهالله تعالى ـ بعد قوله :
٨٥ ـ وفى هاء تأنيث وميم الجميع قل |
|
وعارض شكل لم يكونا ليدخلا |
وفى الهاء للاضمار قوم أبوهما |
|
ومن قبله ضمّ أو الكسر مثّلا |
أو امّاهما واو وياء وبعضهم |
|
يرى لهما فى كلّ حال محلّلا (١) |
__________________
(١) أورد المؤلف هذه الأبيات الثلاثة من كلام الشاطبى فى لاميته المشهورة ب (الشاطبية) ليبين منشأ وهم ابن الحاجب فى أن بعض النحاة أو القراء جوز الروم والاشمام في هاء التأنيث ، وميم الجمع ، والحركة العارضة ، وذلك أنه فهم فى قول الشاطبى «وبعضهم يرى لهما فى كل حال محللا» أن بعض القراء يجيز الروم والاشمام فى كل حال من أحوال الحرف الموقوف عليه من الحروف