وقال الأخفش : كل ما يفيد معنى الجمع على وزن فعل وواحده اسم فاعل كصحب وشرب فى صاحب وشارب فهو جمع تكسير واحده ذلك الفاعل ؛ فعلى هذا القول تصغّر لفظ الواحد ثم تجمع جمع السلامة كما فى رجال ودور ؛ فتقول فى تصغير ركب وسفر : رويكبون وسويفرون ، كما يقال : رجيلون ودويرات ، فى تصغير رجال ودور ، وقول الشاعر :
* أخشى ركيبا أو رجيلا عاديا*
ردّ عليه.
واعلم أن فعلا فى فاعل ليس بقياس ؛ فلا يقال جلس وكتب فى جالس وكاتب ، وقال الخليل ـ ونعم ما قال ـ : إن الكمأة اسم للجمع ، فهو بالنسبة إلى كمء كركب إلى راكب ؛ فعلى هذا لا يقع كمأة على القليل والكثير كتمر ، بل هو مثل رجال فى المعنى ، ومثله فقعة وفقع وجبأة وجبء (١) ومقتضى مذهب الأخفش ـ وإن لم يصرح به ـ أن يكون مثل صحبة فى صاحب وظؤار فى ظئر (٢) وجامل فى جمل (٣)
__________________
بنيت بعد مستظلّ ضاحيا |
|
بنيته بعصبة من ماليا |
والشّرّ ممّا يتبع القواضيا
وكان أحيحة مسودا فى قومه الأوس ، وكان رجلا صنعا للمال ضنينا به حريصا عليه ، وكان يتعامل بالربا حتى كاد يحيط بجميع أموال قومه. والمستظل والضاحي : حصنان له. والعصبة : مكان بعينه بقباء كانا يقعان فيه ، فالباء فى قوله «بعصبة» بمعنى فى. و «من ماليا» يتعلق ببنيته. واسم الحصنين فى الحقيقة المستظل والضحيان ، ولكنه لما لم يستقم له الوزن غير الثانى كما ترى. والقواضيا : أراد بها الأقضية المحتومة. والاستشهاد بالبيت على أن ركبا اسم جمع ولفظه مفرد بدليل تصغيره على لفظه كما تصغر المفردات
(١) انظر (ص ٢٠١ من هذا الجزء)
(٢) ظؤار : اسم جمع واحده ظئر ، وهى التى تعطف على ولد غيرها من الناس وغيرهم ، ويقال للذكر أيضا : ظئر
(٣) الجامل : اسم جمع يقع على الجماعة من الابل ذكورا وإناثا ، قال الحطيئة :