وأنا لا أعرف حذف واو الضمير فى شىء من الفواصل كما كان فى القوافى ، وحذف ياء الضمير فى الفواصل ، نحو : (فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ)
قال : «وحذف الواو فى ضربه وضربهم فيمن ألحق»
أقول : قد بيّنّا فى باب المضمرات أن غائب الضمير المتصل منصوبه أو مجروره مختصر من غائب المرفوع المنفصل بحذف حركة واو هو ، لكنهم لما قصدوا التخفيف فى المتصل لكونه كجزء الكلمة المتقدمة نظروا
فان كان قبل الهاء ساكن نحو منه وعليه لم يأتوا فى الوصل بالواو والياء الساكنين ، فلا يقولون على الأكثر : منهو ، وعليهى ؛ لثقل الواو والياء ، ولكون الهاء لخفائها كالعدم ، فكأنه يلتقى ساكنان إن قالوا ذلك ، ولم يحذفوا من عليها ومنها ـ وإن كان كاجتماع ساكنين أيضا ـ لخفة الألف ، فهذا نظير تركهم فى الأكثر قلب التنوين فى المرفوع والمجرور حرف لين فى الوقف وقلبهم له ألفا فى المنصوب ، وقد اختار سيبويه إثبات الصّلة بعد الهاء إذا كان الساكن الذى قبلها حرفا صحيحا نحو منهو وأصابتهو ، وحذفها إذا كان الساكن حرف علة ، نحو ذوقوه وعصاه ولديه وفيه ، ولم يفرق المبرد بين الصحيح وحرف العلة الساكنين قبل الهاء ، وهو الحق ؛ إذ شبه التقاء الساكنين فى الكل حاصل ، وعليه جمهور القراء ، نحو (مِنْهُ آياتٌ) و (فِيهِ آياتٌ) ولو عكس سيبويه لكان أنسب ؛ لأن التقاء الساكنين إذا كان أولهما لينا أهون منه إذا كان أولهما صحيحا ،
وإن كان قبل الهاء متحرك نحو به وغلامه فلا بد من الصلة ، إلا أن يضطر شاعر فيحذفها ، كقوله :
١٠٥ ـ وأيقن أنّ الخيل إن تلتبس به |
|
يكن لفسيل النّخل بعده آبر (١) |
__________________
(١) هذا البيت من الطويل ، وقائله حنظلة بن فاتك ، ولم يتعرض له البغدادى