وقال المتنيي :
١٠٦ ـ تعثّرت به فى الأفواه ألسنها |
|
والبرد فى الطّرق والأقلام فى الكتب (١) |
فحذف الصلة فى مثله كحذف الألف فى قوله
* رهط مرجوم ورهط ابن المعلّ*
وذهب الزجاج إلى أن الصلة بعد الهاء ليست من أصل الكلمة ، وهو ظاهر
__________________
فى شرح شواهد شرح الشافية ، وهو من شواهد سيبويه أورده فى باب «ما يجوز فى الشعر ولا يجوز فى الكلام» (ح ١ ص ١١) وقد قال الأعلم فى شرح هذا الشاهد من كتابه شرح شواهد سيبويه : «أراد بعد هو ، فحذف الواو ضرورة ، والبيت يتأول على معنيين : أحدهما ـ وهو الأصح ـ أن يكون وصف جبانا ؛ فيقول : أيقن أنه إن التبست به الخيل قتل فصار ماله إلى غيره فكع (أى : جبن) وانهزم ، والمعنى الآخر أن يكون وصف شجاعا ؛ فيقول : قد علم أنه إن ثبت وقتل لم تتغير الدنيا بعده وبقى من أهله من يخلفه فى حرمه وماله ، فثبت ولم يبال بالموت ، وفسيل النخل : صغاره ، واحدته فسيلة ، والآبر : المصلح له القائم عليه ، والأبار : تلقيح النخل» اه
(١) هذا البيت من قصيدة للمتنبى كما قال المؤلف يرثى فيها خولة أخت سيف الدولة بعد عودته من مصر ، والمتنبى ليس ممن يحتج بشعره ، ولكن المؤلف قد جرى فى هذا الكتاب وفى شرح الكافية على أن يذكر بعض الشواهد من شعر المتنبى وشعر أبى تمام والبحترى ، ولعله متأثر فى ذلك بجار الله الزمخشرى فأنه كان يستشهد على اللغة والقواعد بشعر هؤلاء ، وكأنه كما قال عن أبى تمام ـ وقد استشهد ببيت له فى الكشاف ـ : أجعل ما يقوله بمنزلة ما يرويه. والشاهد فى بيت المتنبى قوله «به» حيث حذف صلة الضمير المجرور المكسور ما قبله ، وهى الياء ، وأصله «بهى» والضمير فى به يعود إلى الخبر الذى ذكره فى بيت قبله وهو قوله :
طوى الجزيرة حتّى جاءنى خبر |
|
فزعت فيه بآمالى إلى الكذب |
يقول : لقد كان من هول هذا الخبر وفداحته أن عثرت الألسن فى الأفواه فلم تستطع الكلام ، وعثرت البرد فى الطرق وعثرت الأقلام فى الكتب. والبرد : جمع بريد ، وأصله برد ـ بضمتين ـ فخفف كما يخفف عنق