الواحد والمثنى والمجموع ؛ لأنه فى الأصل موضوع للماهية ، سواء كانت مشخصاتها قليلة أو كثيرة ، فالقلة والكثرة فيه غير داخلتين فى نظر الواضع ، بل إنما وضعه صالحا لهما ، بخلاف اسم الجمع ؛ فانه اسم مفرد موضوع لمعنى الجمع فقط ، ولا فرق ببنه وبين الجمع إلا من حيث اللفظ ، وذلك لأن لفظ هذا مفرد بخلاف لفظ الجمع ، والدليل على إفراده جواز تذكير ضميره ، قال :
٦٦ ـ * مع الصّبح ركب من أحاظة مجفل (١) *
وأيضا تصغيره على لفظه كقوله :
٦٧ ـ * أخشى ركيبا أو رجيلا عادبا (٢) *
__________________
(١) هذا عجز بيت من لامية الشتفرى الطويلة المعروفة بلامية العرب ، وصدره قوله :
* فعبّت غشاشا ثمّ مرّت كأنّها*
يصف قطاة وردت الماء وكان قد سبقها إليه فلما وردت شربت فضلته. والعب : شرب الماء بلا مص ، وفعله عب يعب ـ كخف يخف ـ والضمير المستتر فيه للقطا. والغشاش ـ بزنة كتاب ـ يأتى لمعان : تقول : لقيته غشاشا : أى على عجلة ، وتقول أيضا : انطلقت غشاشا : أى فى الوقت الذى قبل الاسفار وقد بقي من ظلمة الفجر شىء ، وتقول : كلمته غشاشا : أى قليلا ؛ فاذا جريت على المعنى الأول جاز لك أن تجعل غشاشا حالا كأنه قال : عبت متعجلة ، وجاز لك أن تجعله مفعولا مطلقا على حذف الموصوف وإبقاء صفته ، فكأنه قال : عبت عبا عجلا ، وجاز لك أن تجعله منصوبا على نزع الخافض وهو أضعف الوجوه الثلاثة ، وإذا جريت على المعنى الثانى نصبت غشاشا فى البيت على الظرفية الزمانية ، وإذا جريت على المعنى الثالث نصبته على أنه مفعول مطلق ليس غير. والركب : أصحاب الابل إذا كانوا عشرة فأكثر. وأحاظة ـ بضم الهمزة ـ : قبيلة من الأزد فى اليمن. ومجفل : اسم فاعل من أجفل بمعنى أسرع. والاستشهاد بالبيت على أن ركبا لفظه مفرد بدليل عود الضمير عليه مفردا فى قوله «مجفل»
(٢) هذا بيت من الرجز المشطور لأحيحة بن الجلاح ، وقبله قوله