من حروف الجر ما لا يجرّ إلا الظاهر ، وهى هذه السبعة المذكورة فى البيت الأول ؛ فلا تقول «منذه ، ولا مذه» وكذا الباقى.
ولا تجر «منذ ، ومذ» من الأسماء الظاهرة إلا أسماء الزمان (١) ، فإن كان الزمان حاضرا كانت بمعنى «فى» نحو : «ما رأيته منذ يومنا» أى : فى يومنا ، وإن كان الزمان ماضيا كانت بمعنى «من» نحو : «ما رأيته مذ يوم الجمعة» أى : من يوم الجمعة ، وسيذكر المصنف هذا فى آخر الباب ، وهذا معنى قوله : «واخصص بمذ ومنذ وقتا».
وأما «حتى» فسيأتى الكلام على مجرورها عند ذكر المصنف له ، وقد شذّ جرّها للضمير ، كقوله :
(٢٠١) ـ
فلا والله لا يلفى أناس |
|
فتى حتّاك يا ابن أبى زياد |
__________________
(١) منذ ومذ يكونان ظرفى زمان ، وهما حينئذ اسمان ، ويكونان حرفى جر ، وحينئذ لا يجران إلا أسماء الزمان ، طلبا للمناسبة بين حالتيهما ، وأما نحو قولك «ما رأيته منذ حدث كذا ، وما رأيته منذ أن الله خلقه» فإن اسم الزمان مقدر فى هذين المثالين ونحوهما ، وأصل الكلام : منذ زمان حصل كذا ، ومنذ زمان خلق الله إياه.
٢٠١ ـ هذا البيت من الشواهد التى لا يعرف قائلها.
اللغة : «يلفى» مضارع ألفى ، ومعناه وجد ، ويروى «لا يلقى أناس» بالقاف مكان الفاء على أنه مضارع لقى «حتاك» استشكل أبو حيان هذه العبارة فقال «وانتهاء الغابة فى حتاك لا أفهمه ، ولا أدرى ما عنى بحتاك ، فلعل هذا البيت مصنوع» وستعرف رد هذا الكلام.
المعنى : يريد الشاعر أن يقول : إن الناس لا يجدون فتى يرجونه لقضاء مطالبهم حتى يبلغوا الممدوح ، فإذا بلغوه فقد وجدوا ذلك الفتى ، وبهذا التقرير يندفع كلام أبى حيان.
الإعراب : «فلا» لا : زائدة قبل القسم للتوكيد «والله» الواو للقسم ، ولفظ الجلالة مقسم به مجرور بالواو ، وفعل القسم الذى يتعلق به الجار والمجرور محذوف