«هذا ضارب زيد وعمرو ، وعمرا» ؛ فالجر مراعاة للفظ ، والنصب على إضمار فعل ـ وهو الصحيح ـ والتقدير «ويضرب عمرا» أو مراعاة لمحلّ المخفوص ، وهو المشهور ، وقد روى بالوجهين قوله :
(٢٦٤) ـ
الواهب المائة الهجان وعبدها |
|
عوذا تزجّى بينها أطفالها |
__________________
٢٦٤ ـ البيت للأعشى ميمون بن قيس.
اللغة : «الواهب» الذى يعطى بلا عوض «الهجان» بكسر الهاء : البيض ، وهو لفظ يستوى فيه المذكر والمؤنث ، والمفرد والمثنى والجمع ، وإنما خص الهجان بالذكر لأنها أكرم الإبل عندهم «عوذا» جمع عائذ ، وهى الناقة إذا وضعت وبعد ما تضع أياما حتى يقوى ولدها ، وسميت عائذا لأن ولدها يعوذ بها ، أى : يلجأ إليها ، وهو جمع غريب ، ويندر مثله فى العربية «تزجى» تسوق.
المعنى : يمدح قيسا بأنه يهب المائة من النوق البيض الحديثة العهد بالنتاج مع أولادها ورعاتها.
الإعراب : «الواهب» يجوز أن يكون مجرورا نعتا لقيس المذكور فى بيت سابق على بيت الشاهد ، ويجوز أن يكون مرفوعا على أنه خبر لمبتدأ محذوف : أى هو الواهب إلخ ، وفى الواهب ضمير مستتر يعود على قيس فاعل ، والواهب مضاف و «المائة» مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله «الهجان» بالجر بإضافة المائة إليه على مذهب الكوفيين الذين يرون تعريف اسم العدد وتعريف المعدود معا ، أو نعت له على اللفظ «وعبدها» يروى بالنصب وبالجر ؛ فأما الجر فعلى العطف على لفظ المائة ، وأما النصب فعلى العطف على محله ، أو بإضمار عامل ، ويصح تقدير هذا العامل فعلا كما يصح تقديره وصفا منونا «عوذا» نعت للمائة ، وهو تابع للمحل «تزجى» فعل مضارع ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هى يعود على المائة فاعل «بينها» بين : ظرف متعلق بتزجى ، وبين مضاف وها : مضاف إليه «أطفالها» أطفال : مفعول به لتزجى ، وأطفال مضاف وضمير الغائبة العائد إلى النوق مضاف إليه.
الشاهد فيه : قوله «وعبدها» فإنه روى بالوجهين : الجر ، والنصب ، تبعا للفظ الاسم الذى أضيف إليه اسم الفاعل أو محله ، وقد بينا وجه كل واحد منهما ، كما بينا ما يجوز من تقدير العامل على رواية النصب.