وأشار بقوله : «وما لمعرفة أضيف ـ إلخ» إلى أن أفعل التفضيل إذا أضيف إلى معرفة ، وقصد به التفضيل ، جاز فيه وجهان ؛ أحدهما : استعماله كالمجرد فلا يطابق ما قبله ؛ فتقول : «الزيدان أفضل القوم ، والزيدون أفضل القوم ، وهند أفضل النساء ، والهندان أفضل النساء ، والهندات أفضل النساء» والثانى : استعماله كالمقرون بالألف واللام ؛ فتجب مطابقته لما قبله ؛ فتقول : «الزيدان أفضلا القوم ، والزيدون أفضلو القوم ، وأفاضل القوم ، وهند فضلى النساء ، والهندان فضليا النساء ، والهندات فضّل النساء ، أو فضليات النساء» ، ولا يتعين الاستعمال الأول ، خلافا لابن السراج ، وقد ورد الاستعمالان فى القرآن ؛ فمن استعماله غير مطابق قوله تعالى : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) ومن استعماله مطابقا قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها) وقد اجتمع الاستعمالان فى قوله صلى الله عليه وسلم : «ألا أخبركم بأحبّكم إلىّ ، وأقربكم منّى منازل يوم القيامة : أحاسنكم أخلاقا ، الموطّئون أكنافا ، الذين يألفون ويؤلفون».
والذين أجازوا الوجهين قالوا : الأفصح المطابقة ، ولهذا عيب على صاحب الفصيح (١) فى قوله «فاخترنا أفصحهنّ» قالوا : فكان ينبغى أن يأتى بالفصحى فيقول : «فصحاهنّ».
فإن لم يقصد التفضيل تعيّنت المطابقة ، كقولهم : «النّاقص والأشجّ أعدلا بنى مروان» أى : عادلا بنى مروان.
وإلى ما ذكرناه من قصد التفضيل وعدم قصده أشار المصنف بقوله : «هذا إذا نويت معنى من ـ البيت» أى : جواز الوجهين ـ أعنى المطابقة وعدمها ـ
__________________
(١) هو أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب ، النحوى الكوفى ، وله رسالة صغيرة اشتهرت باسم «فصيح ثعلب».