أى : فلا قتال ، وحذفت فى النثر أيضا : بكثرة ، وبقلة ؛ فالكثرة عند حذف القول معها ، كقوله عز وجل : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ؟) أى فيقال لهم : أكفرتم بعد إيمانكم ، والقليل : ما كان بخلافه ، كقوله صلى الله عليه وسلم : «أما بعد ما بال رجال يشترطون شروطا ليست فى كتاب الله» (١) هكذا وقع فى صحيح البخارى «ما بال» بحذف الفاء ، والأصل : أما بعد فما بال رجال ، فحذفت الفاء.
* * *
__________________
سيرا ، وجملة هذا الفعل المحذوف مع فاعله فى محل رفع خبر لكن ، ويجوز أن يكون قوله «سيرا» هو اسم لكن ، وخبره محذوف ، والتقدير. ولكن لكم سيرا ـ إلخ «فى عراض» جار ومجرور متعلق بالفعل المحذوف على الأول ، وبقوله سيرا على الثانى ، وعراض مضاف و «المراكب» مضاف إليه.
الشاهد فيه : قوله «لا قتال لديكم» حيث حذف الفاء من جواب أما ، مع أن الكلام ليس على تضمن قول محذوف ، وذلك للضرورة ، ومثله قول الآخر :
فأمّا الصّدور لا صدور لجعفر |
|
ولكنّ أعجازا شديدا صريرها |
فحذف الفاء من «لا صدور لجعفر» وليس على تقدير القول ، وقوله «ولكن أعجازا» تقديره «ولكن لهم أعجازا» نظير ما ذكرناه فى قول الحارث «ولكن سيرا» فى أحد الوجهين.
(١) يمكن تخريج هذا الحديث على تقدير القول ، فتكون من النوع الذى يكثر فيه حذف الفاء كالآية ، والتقدير : أما بعد فأقول : ما بال رجال ، وقد روى أن السيدة عائشة ـ رضى الله تعالى عنها! ـ قالت «أما الذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا طوافا واحدا» فهذا على حذف الفاء ، وليس على تقدير قول قطعا ، لأنه إخبار عن شىء مضى.